للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لَمَّا أنزلَ اللَّهُ تعالى هذه الآيات في صفة الجنَّة: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}، وفسَّرها النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن السَّرير يكون ارتفاعُه مسيرة مئة سنة، والأكوابَ الموضوعة تكون كثيرةً ولا تدخل في حساب الخَلْق، والنَّمارقَ يكون طولها كذا، {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} يكون عرضُها كذا، فوصف طولًا عظيمًا، وعرضًا عظيمًا، أنكره الكفَّار، وقالوا: إذا أراد الإنسانُ أن يصعدَ السَّرير كيف يفعل؟ وكيف تكثر الأكواب هذه الكثرة، وتطول النَّمارق هذا الطُّول، وتُبْسَط الزَّرابيُّ هذا الانبساط، ولسنا نشاهد ذلك في الدُّنيا؟! = فأنزل اللَّهُ تعالى هذه الآيات (١):

فقال: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} طويلةً، ثم تبرُك فتُرْكَب ويُحْمَل عليها، ثم تقومُ، فكذلك السُّرر (٢).

{وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} ثم نجومُها تكثر هذه الكثرةَ، فلا تدخل في حساب الخَلْق، فكذلك الأكواب.

{وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} تطول هذا الطُّول، فكذلك النَّمارق.

{وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}: فهي كلُّها بساطٌ واحدٌ يُبسَطُ من الأفق إلى الأفق، فكذلك الزَّرابيُّ.

وقيل: هي تنبيهٌ على البعث بعد الموت، ومحاجَّةٌ بها مع منكري البعث (٣).

يقول: مَن قدر على خلق هذه الأشياء العجيبة (٤) العظيمة قدرَ على الإعادة بعد الإماتة.


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ١٨٩)، والواحدي في "البسيط" (٢٣/ ٤٧٣) عن قتادة مختصرًا بلفظ: (ذكر اللَّه سبحانه ارتفاع سرر الجنة وفرشها، فقالوا: كيف نصعد؛ فأنزل اللَّه سبحانه هذه الآية).
(٢) في (ر): "السرير".
(٣) في (أ): "ومحاجة على منكريه" وفي (ف): "ومحاجة بها مع منكريه".
(٤) "العجيبة" ليس في (أ).