للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}: قال أبو سعيد الخدريُّ: لَمَّا نزلَتِ الآية تغيَّر لونُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعُرِفَ في وجهِهِ حتَّى اشتدَّ على أصحابه ما رأَوا من حالِه، فانطلقوا إلى عليٍّ رضي اللَّه عنه، وقالوا له: قد حدث أمرٌ قد رأيناه في نبيِّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجاء عليٌّ رضي اللَّه عنه، فاحتضنَه من خلفِه، ثم قبَّل ما بين عاتِقَيْه، وقال: بأبي أنت وأمي، ما الذي حدث اليوم؟ فقال: "جاء جبريل فأقرأني هذه الآية: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} (١) "، قال: فكيف يُجاءُ بها؟ قال: "يجِيءُ بها سبعون ألف مَلَكٍ، يقودونها بسبعين ألف زمام، فتَشْرُدُ شَرْدَةً لو تُرِكَتْ لأحرَقَتْ أهلَ الجَمْعِ، ثم تَعْرِضُ لي جهنَّم فتقول: يا محمَّد، لقد حرَّم اللَّه لحمك عليَّ (٢)، فلا يبقى أحدٌ إلَّا يقول: نفسي نفسي، وإنَّ محمَّدًا يقول: أمَتي أمَتي" (٣).

{يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ}: أي: يتَّعظُ هذا {الْإِنْسَانُ} الذي كان همُّه الدُّنيا.

{وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}: أي: ومن أينَ له نفعُ الاتِّعاظ؟


(١) في (أ) و (ف): "هذه الآية كلها: إذا دكت الأرض دكًا"، وفي (ر): "هذه الآية: وجيء بجهنم"، والمثبت من "تفسير الثعلبي".
(٢) في (ر): "على النار".
(٣) رواه الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٢٠١ - ٢٠٢)، وعنه الواحدي في "الوسيط" (٤/ ٤٨٥)، ورواه ابن أبي حاتم كما في "التخويف من النار" لابن رجب (ص: ٢٢٤)، وقال ابن رجب: عبيد اللَّه بن الوليد الوصافي شيخ صالح لا يَحفظ، فكثرت المناكير في حديثه.
وروى مسلم (٢٨٤٢) من حديث عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها".