للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عبَّاس: أي: قد أفلح مَن زكَّى اللَّهُ نفسَه فهداها، {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (١)؛ أي: دسَّى اللَّه نفسَه فأضلَّها.

وقال عكرمة: أفلحَتْ نفسٌ زكَّاها اللَّهُ، وخابَتْ نفسٌ أغواها اللَّهُ (٢).

وقال ميمون بن مِهْرانَ: سأل رجلٌ ابن عبَّاس عن قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} قال: أتقرأ: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}؟ قال: نعم، قال: فآمِن بهذه، واعمل بهذه (٣).

يعني: في تلك: أنَّ التَّزكية من اللَّه، وفي هذه: أنَّ التَّزكية من العبد، وهو إثبات التَّخليق مِن اللَّه، والفعل من العبد، كما هو مذهب أهل السُّنَّة والجماعة.

وقال الرَّبيع بن أنس: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}: مَن عمِل خيرًا وزكَّاها بطاعة اللَّه، {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}: أثَّمها وأفجرها (٤).

وقال مقاتل: أي: قد سُعِد مَن أصلحه اللَّهُ تعالى وقَنِطَ مَن أغواه اللَّه تعالى (٥).


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٤٤٣ و ٤٤٥)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٤٣٨).
(٢) روى الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٤٤٣) عن عكرمة في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} قال: (من أصلحها). وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٤٣٨) عن عكرمة في قوله: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} قال: (من خسرها).
(٣) لم أقف عليه بتمامه، وذكره الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٧٦٠) مختصرا بلفظ: (وسئل ابن عباس عنه فقال: أتقرأ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}، {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا}). وأراد به الاستدلال على أن الضمير المستتر في {زَكَّاهَا} عائد إلى {مَنْ}، والبارز إلى النفس، وكذا في {دَسَّاهَا}، وذلك تأييدًا لمذهبه الاعتزالي، وهو خلاف ما ذهب إليه المؤلف في الخبر على ما يأتي، وانظر تعقب الطيبي على الزمخشري في حاشيته على "الكشاف" المسماة: "فتوح الغيب" (١٦/ ٤٦٣).
(٤) رواه عبد بن حميد، كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٥٣٠)، بلفظ: "أفلح من زكى نفسه بالعمل الصالح وخاب من دسى نفسه بالعمل السيئ".
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٧١١).