للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَلَسَوْفَ يَرْضَى}: أي: ولسوف يعطيه اللَّه تعالى من الجزاء والكرامة ما يبلغ رضاه ويزيد، وهو كرامة لا يفوقُها كرامة، وهو كقوله لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: ٥].

وعن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أنَّ بلالًا (١) أحدث على الأصنام، وأَخبرَتْ بذلك المشركين امرأةٌ موكَّلة بحفظِها، وكان بلالٌ عبدًا لعبد اللَّه بن جدعان، فشكوه إليه، فوهبه لهم ومئةً من الإبل ينحرونها لإلهتهم، فأخذوه، وجعلوا يعذِّبونه في الرَّمضاء، وهو يقول: أحدٌ أحدٌ، فمرَّ به النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "ينجيك الأحد"، ثم أَخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا بكر أنَّ بلالًا يُعذَّبُ في اللَّه، فحمل أبو بكر رطلًا من ذهبٍ فابتاعه به (٢).

وقال مقاتل: مَرَّ أبو بكر ببلالٍ وسيِّدُه أميَّة بن خلف يعذِّبه، فقال: أتعذِّبُ عبدًا على الإيمان؟ فقال أميَّة: لم يفسده عليَّ إلَّا أنت وصاحبُك، فقال: أتبيعُه؟ قال: نعم، قال: بكم؟ قال: بعبدٍ مثله، فاشترى أبو بكر عبدًا مشركًا، فدفعه إليه، وأخذ بلالًا.

فكره ذلك أبو قحافة والد أبي بكر، وقال: لقد أعتقْتَ عبدًا أسود متقلِّص الشَّفتين، ولو كنْتَ ترغبُ في العتقِ لاعتقْتَ مَن له رواءٌ ومنظر، أَمَا علمتَ أنَّ مولى القوم من أنفسهم (٣)، فأنزل اللَّه تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} الآيات (٤).

والحمد للَّه رب العالمين

* * *


(١) بعدها في (ف): "لما".
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٢٢٠).
(٣) في (أ): "منهم".
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٧٢٣ - ٧٢٤).