للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}: واذكر عيلَتَكَ، وهذا في حقِّ سائل المال للحاجة.

وقيل: وأمَّا السَّائل عن العلم وطالبَ الفائدة فلا تنهر، واذكر أوَّلَ حالِكَ، فقد كنْتَ لا تدري الشَّرائع حتَّى علَّمْتُك.

{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}: أي: بنعَمِ اللَّهِ كلِّها فحدِّث النَّاس وانشرها بينهم شاكرًا ذاكرًا.

والنِّعمةُ جنس فصلحَتْ للجمع؛ قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨].

وقال مجاهد: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}: القرآن {فَحَدِّثْ}؛ أي: علِّمْهُ النَّاس (١).

وقيل: هي نعمة النُّبوَّة.

وقيل: هي نعمة الشَّفاعة.

والصَّحيح أنَّه يعمُّ جميع نعم اللَّه.

والنَّهر: الانتهار والزَّجر، وهو إغلاظ القول، وتعبيس الوجه.

وروي أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أهدى إليه عثمان عنقودَ عنبٍ، فجاء سائلٌ فأعطاه، ثم اشتراه عثمانُ بدرهمٍ فقدَّمه إلى رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم عاد السَّائل فأعطاه، ففعل ذلك ثلاثًا، فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ملاطفًا للسَّائل لا متغضبًا: "أسائل أنت يا فلان أم تاجر"، فنزلت الآية: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} (٢).

والحمد للَّه رب العالمين (٣)


(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٤٤٤).
(٢) ذكره الرازي في "التفسير الكبير" (٣١/ ١٩٩). والآلوسي في "روح المعاني" (٢٩/ ١٠٦).
(٣) في (أ) و (ر): "واللَّه الموفق".