للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قيل: هذا على محضِ الخبر.

وقيل: هو على الاستفهام بمعنى التوبيخ؛ أي: ألْهَاكم (١) {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}؛ أي: دام بكم هذا الاشتغال حتى أتاكم الموت وأنتم مصرُّون عليه فـ {زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}؛ أي: دخلتم القبور وأنتم على ذلك.

وقال قتادة رحمه اللَّه: قالوا: نحن أكثر من بني فلان، فألهاهم ذلك حتى ماتوا ضُلَالًا (٢).

وقيل: ألهاكم التكاثر حتى بلغ بكم إلى أن عدَدْتُم الأموات فقلتُم: مات لنا فلان وفلان، فهذه هي زيارة القبور، وقالوا (٣): صاروا إلى المقابر فعدُّوها، فمعنى {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}؛ أي: حتى أتيتم المقابر فعدَدْتُم موتاها لتُظهروا أنكم أكثرُ عددًا، وتقديره: ألهاكم التكاثر في الأموال والأولاد حتى تجاوزتُم ذلك إلى التكاثر بالآباء والأجداد، ثم ترقَّيتم (٤) من ذلك حتى صرتُم من الأحياء إلى الأموات، وهذا ما لا غاية وراءه في التكاثر.

وقال مقاتل: إن حيين من قريش من بني عبد منافِ بن قصيِّ وبني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، كان بينهم ملاحاةٌ فافتخروا، فعدُّوا السادةَ والأشراف، وقال بنو عبد مناف لبني سهم: نحن أكثر سيدًا وأعزُّ عزيزًا وأمنعُ جانبًا وأعظم شرفًا وأكثر عددًا، وقال بنو سهم مثلَ ذلك، فذكروا الأحياء فكثَرهم بنو عبد مناف بالأحياء، فقالوا: نعدُّ موتانا، فأتوا القبور فعدُّوها وقالوا: هذا قبر فلان وهذا قبر


(١) في (ف): "ألهاكم التكاثر".
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٦٨٧)، والطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٥٩٨).
(٣) في (ف): "وقد".
(٤) في (أ): "توفيتم".