للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لقتال إنما جاء ليهدم هذا البيت ثم ينصرفَ عنكم، فقال له: ما له عندنا قتالٌ وما لنا به يد، سنخلِّي بينه وبين ما جاء له، فإن خلَّى اللَّه بينه وبين ما أراد فهو بيتُه، قال: فانطلِقْ معي، فأردفه بغلته حتى قدم به المعسكر.

وكان ذو نفرٍ صديقًا لعبد المطلب، فأتاه فقال (١): يا ذا نفر، هل عندكم من غَناءٍ فيما نزل بنا (٢)؟ فقال ذو نفر: ما غناءُ مَن لا يأمَنُ أن يُقتل كلَّ؟! ولكني سأبعثُ لك إلى أنيسٍ سائق (٣) الفيل وأسأله أن يُعِينك عند الملك ويُعْظِم خطرك عنده، فأرسل إلى أنيس وقال: أتاك سيد قريش وصاحبُ عِير مكة الذي يُطعم الناس، فاستأذن له على الملك ونبِّهْه على شأنه وشرفه.

وكان عبد المطلب جسيمًا وسيمًا قسيمًا تأخذه العين، فلما رآه أبرهةُ عظَّمه وكرَّمه، فقال له عبد المطلب: أيها الملك، إنك قد أصبتَ مالًا لي فاردُدْه عليَّ، فقال له الملك: لقد كنتَ أعجَبْتَني حين رأيتُك، ولقد زهدْتُ فيك الآن، قال: ولم؟ قال: جئتُ لأهدم بيتًا هو دِينك ودِين آبائك فلم تكلِّمني فيه وكلَّمتني في مئتي بعير؟! فقال عبد المطلب: أما الأبل فأنا ربُّها، وللبيت ربٌّ سيمنعُه، قال أبرهة: ما كان ليمنعَه مني، فقال عبد المطلب: لقد طلبه تبعٌ وسيفُ ذي يزنَ وكسرى فلم يقدروا عليه، فأنت وذاك، فرد إبله عليه.

ثم خرج عبد المطلب وأخبر قريشًا وأهلَ مكة الخبر، وأمرهم (٤) أن يتحرَّزوا،


(١) في (أ): "فأتاه". وفي (ر): "فناداه"، بدل: "فأتاه فقال".
(٢) في (أ): "بكم".
(٣) في أكثر المصادر: (سائس).
(٤) في (ر): "أنجزوا أمرهم"، بدل: "الخبر وأمرهم".