للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن مسعود: لما ألقت بعث اللَّه تعالى ريحًا فضربت الحجارة فزادتها شدةً (١).

وقال مقاتل بن سليمان: خرج فتيةٌ من قريش تجارًا إلى أرض النجاشي، فساروا حتى دنَوا من ساحل البحر، وفي حِقْفٍ من أحقافها بِيعةٌ للنصارى يسمُّونها: الهيكل، فنزلوا وأوقدوا نارًا وشوَوا، ولما ارتحلوا تركوا النار وهو في يوم عاصف، فهاجت الريح واضطرم الهيكلُ نارًا، فانطلق الصَّريخ إلى النجاشي، فأسِف على ذلك، وأتاه أبرهة بن الصَّبَّاح وحُجر بن شراحيل وأبو يكسوم الكِنْديون، فقالوا: أيها الملك، لا تكتئبْ فنحن ننسف أسَّ الكعبة ونُبيح دماءها وننهبُ أموالها، فاعزم إذا أحببت.

فخرج مع كتائبه ومعهم الفيل في جحافل تضيق عنهم الطريق، فلما أشرف على مكة مر بإبل سائمةٍ لعبد المطلب فاستاقها، فركب الراعي حتى أتى مكة فرقى الصفا ثم نادى: يا صباحاه أتتكم السودان معها فيلُها ليهدموا كعبتكم ويبيحوا حماكم، ثم أخبر عبد المطلب بأمر إبله، فركب حتى انتهى إلى (٢) العسكر، فقال أبرهة وحجرٌ وكانا له خلَّين: ارجع إلى قومك فأنذرهم أن هذا جاءكم حميًّا أبيًّا (٣)، فقال: واللات والعزى ما أرجع إلا بإبلي، فقالا له: أيها الملك، اردُدْ إليه إبله فإنما هو وقومه لك غدًا (٤)، فأحرز عبد المطلب إبله وقال: إن للكعبة ربًّا يمنعها.

وكان أبو مسعودٍ الثقفيُّ ضريرَ البصر نبيهًا يُستشفَى برأيه، فقال عبد المطلب:


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٢٩٨). ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥٠١٤) من قول عبيد بن عمير.
(٢) في (ف): "حتى أتى".
(٣) في (أ): "آيبًا"، وفي "تفسير مقاتل": (آتيًا).
(٤) في (ف): "عبدًا"، وفي "تفسير مقاتل": (بالغداة).