للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما عندك في هذا؟ فقال: اجعل مئةً من إبلك للَّه تعالى وقلِّدها ثم سيِّبْها في الحرم، لعل السودان تَعقرها فيغضبَ ربُّ البيت، ففعل فعقروها، فقال أبو مسعود: ما فُعل بإبلك؟ قال: عُقرت، قال: فما تقول في رجل اتَّخذ قلادةً لامرأته فسلبها قومٌ أليس يغار (١) على ذلك؟ قال: نعم، قال: انظر، ماذا ترى من البحر؟ قال: أرى طيرًا بيضًا قد نشأت، قال: ارمقها، قال: واللَّه ما أعرفها، وإنها أشباهُ اليَعاسيب، في مناقيرها الحصى، فجاءت حتى حاذت العسكر وألقت ما في مناقيرها ورجعت، ثم قال عبد المطلب: لا أسمع لهم ركزًا، فانحطَّا من الجبل فدخلا العسكر فإذا هم موتى، فجمَعا من الذهب والفضة (٢) والجواهر، وحفر كلُّ واحد منهم حفرةً لنفسه وملأها من المال، فكان ذلك سببَ غناهما، وأنزل اللَّه تعالى يخبر نبيه عليه السلام بذلك فقال: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} (٣).

وقال محمد بن إسحاق: بعث اللَّه على أبرهةَ داءً في جسده، وخرج القومُ وصاح (٤) بعضهم في بعض (٥): أين نفيل؟ يريدون الطريق، ونفيل ينظر إليهم من فوق الجبل قد هرب منهم، فخرجوا سراعًا يتساقطون ويموتون، وجعل أبرهة تتساقط أناملُه، كلما سقطت أنملةٌ أتبعتْها مِدَّةٌ وقيحٌ ودم، فانتهى إلى اليمن وهو مثلُ فرخ الطير المنتوف فيمَن بقي من أصحابه، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه وهلك (٦).


(١) في (أ): "بغيار".
(٢) "والفضة" ليس من (أ) و (ف).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٨٤٧ - ٨٥٣)، وذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٢٩٣).
(٤) في (أ): "وصرخ القوم وماج القوم" بدل: "وخرج القوم وصاح".
(٥) في (ف): "لبعض" بدل من "في بعض".
(٦) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٥٣ - ٥٤)، و"تفسير الطبري" (٢٤/ ٦٤٢)، و"تفسير الثعلبي" (١٠/ ٢٩٣).