للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى بقيع الغرقد؛ منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعليٌّ وسلمان وأبو ذر وصهيب رضي اللَّه عنهم، فجلسوا معه كأنَّ على رؤوسهم الطير هيبةً لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: فحثى أبو بكر حثوةً من رملةٍ سهلة شِبْهَ الوسادة، فنام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى نفخ ثم استوى قاعدًا فقال: "هل تدرون ما الكوثر؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم! قال: "فإن الكوثر نهر أعطانيه اللَّه تعالى في الجنة يقرقرُ في حوضي، وحوضي ما بين صنعاء والأردن مسيرةَ شهر للراكب المسرع، يجري في فيح مسك، أشدُّ بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأبردُ من الثلج، وألين من الزُّبد، وآنيتُه من فضة عددَ نجوم السماء، مَن شرب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبدًا، أولُ وارديه فقراء المهاجرين الدُّنْسُ الثياب الشُّعْثُ الرؤوس، الذين لا يزوَّجون المنعَّمات، ولا تفتح لهم أبوابُ السُّدَد، يموت أحدهم وحاجتُه تتلجلج (١) في صدره، لو أقسم على اللَّه لأبرَّه" (٢).

وقال الحسن: الكوثر يخرج من أصل السِّدرة، والسِّدرةُ شجرةٌ نابتة على كثبان المسك والزعفران والكافور، لها سبعةُ أغصان، مكتوبٌ على أوراقها التسبيح، ومقام جبريل في وسطها.

وروى أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إن لحوضي أربعةَ أركان: فأولُ ركن منه في يد أبى بكر، والثاني في يد عمر، والثالث في يد عثمان، والرابع في يد عليٍّ، رضي اللَّه عنهم أجمعين، فمَن أحبَّ أبا بكر وأبغض عمر لم يَسْقِه أبو بكر، ومَن


(١) في (ف): "تختلج".
(٢) لم أجده بتمامه، ورواه من قوله: "وحوضي ما بين صنعاء. . . "، إلى قوله: ". . . ولا تفتح لهم أبوابُ السدد": الإمام أحمد في "المسند" (٢٢٣٦٧)، والترمذي (٢٤٤٤)، وابن ماجه (٤٣٠٣)، من حديث ثوبان رضي اللَّه عنه. قال الترمذي: حديث غريب من هذا الوجه.