للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١ - ٣) - {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}.

وروي أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، علِّمني كلامًا أقوله عند منامي، قال: "اقرأ {يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} عند منامك فإنها براءة من الشرك" (١).

وقال ابن عباس: ليس في القرآن سورةٌ أشدُّ لغيظِ إبليسَ من هذه السورة؛ لأنَّها توحيد وبراءة من الشرك (٢).

وقال عطاء بن أبي رباح: قال كفار قريش لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اتَّبعْ ديننا حتى نتَّبعَ دينك فنشتركَ جميعًا، تعبدُ آلهتَنا ونعبد إلهك، فإن كان أمرنا رشيدًا (٣) كنتَ قد أخذتَ بحظِّك منه، وإن كان أمرك رشدًا كنا قد أخذنا بحظِّنا منه، فتعبد آلهتَنا سنةً، ونعبدُ إلهك سنة، فأنزل اللَّه تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}: أي: ما تعبدونه من الأصنام، آيَسهم من نفسه، وأعلمهم استبصارَه في دينه وضعفَ بصائرهم في دينهم (٤).

{لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}: أي: ما أعبده؛ يعني: مَن أعبده وهو اللَّه تعالى؛


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢٣٠٧)، وأبو داود (٥٠٥٥)، والترمذي (٣٤٠٣)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٨٠٢)، عن فروة بن نوفل بن معاوية الأشجعي عن أبيه أنه قال: (يا رسول اللَّه علمني. . .).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٣١٥)، والماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ٣٥٨).
(٣) في (ر) و (ف): "فإن كان أمرًا رشدًا".
(٤) روى نحوه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٧٠٣) عن ابن عباس وسعيد بن مينا مولى البختري، وذكره دون عزو الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٣١٥)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٤٦٧). وذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ٣٥٧) عن ابن إسحاق.