للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مقاتل: نزلت هذه السورة بعد فتح الطائف، {وَالْفَتْحُ}: فتح مكة، و {النَّاسَ}: أهل اليمن {أَفْوَاجًا}؛ أي: زمرًا من كل وجهٍ، القبيلةَ بأسرها والقومَ بأجمعهم، ليسوا بالواحد والاثنين والثلاثة، فكانت هذه السورة آيةَ موته، فقرأها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على أبي بكر وعمر رضي اللَّه عنهما ففرحا، وسمعها العباس رضي اللَّه عنه فبكى، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما يبكيك يا عم؟ " فقال: نُعيت إليك نفسك، قال: "إنه لكَما تقول" (١).

وذُكر أنه لما نزلت هذه السورة قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطيبًا فقال: "إنَّ عبدًا خيَّره اللَّه تعالى بين الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء اللَّه" فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه: فديناك بأنفسنا وآبائنا وأولادنا وأموالنا (٢).

وعاش رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدها (٣) حولًا أو حولين، ثم حج من قابل فنزل قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] فعاش بعدها ثمانين يومًا ثم نزلت آية الكلالة وهي آية الصيف، فعاش بعدها خمسين يومًا ثم نزل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ


(١) انظر: تفسير مقاتل" (٤/ ٩٠٥)، و"تفسير الثعلبي" (١٠/ ٣٢١) واللفظ له، ولفظه في "تفسير مقاتل": (. . . فقرأها على أبي بكر وعمر ففرحا، وسمعها عبد اللَّه بن عباس فبكى، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صدقت" فعاش النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدها ثمانين يومًا. . . .).
وعلى كل ففيه نظر، فقد صح كما تقدم أن عمر رضي اللَّه عنه فهم منها ما فهمه ابن عباس، وليس الظن بأبي بكر رضي اللَّه عنه بأقل من هذا، وليس الشيخان بأقل فهمًا لكتاب اللَّه واستنباطًا من ابن عباس أو من أبيه، رضي اللَّه عنهم جميعًا.
(٢) رواه البخاري (٣٩٠٤)، ومسلم (٢٣٨٢)، من حديث أبي سعيد رضي اللَّه عنه. وليس فيه ذكر نزول السورة.
(٣) في (ف): "بعد ذلك".