للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى الأسير: إذا قرَنْتَه به، فمعنى {الصَّمَدُ}: أن الحوائج تُقرنُ (١) بعضُها إلى بعضٍ وتُرفع كلُّها إليه.

وقال أبو زيد البلخيُّ (٢): الصمد: هو الذي يُصمد إليه (٣) تعظيمًا له ورغبةً فيه، ووقوع هذا الاسم على مَن تعظَّم من البشر إنما هو على الاستعارة؛ لأنَّه ليس أحدٌ من المخلوقين وإنْ عظُم شأنه وعلتْ رتبتُه إلا وهو موصوفٌ بالنقص، عاجزٌ عن إبلاغ مَن يَصمد إليه (٤) غايةَ أمله، فالصمدُ في الحقيقة مَن هو ملجأُ كلِّ مستغيثٍ به في نوازله، ومَن بيده ناصيةُ كلٍّ من خليقته، ومن أجلِ جلالة هذا الاسم جعله اللَّه تعالى مقرونًا بلفظةِ {أَحَدُ} الدالةِ على حقيقة الوحدانية؛ ليدلَّ بأحد الاسمين على أن الموصوف به هو مَن لا نظيرَ له ولا شبيه له (٥) إذ له الوحدةُ المحضَة، ويدلَّ بالاسم الآخر على أن مِن الواجب إذ كانت الوحدانيةُ بالحقيقة له، وكان مبدعَ الكلِّ وحافظَه ومدبِّره، أن لا يُصمد بالعبادة والتعظيم والرغبة والرهبة غيرُه، فاجتمع في لفظي الأحد والصمد وما يتبعهما (٦) من نفي صفات الحدوث (٧) ووجودِ مثيلٍ له وشبيهٍ


(١) في (ر) و (ف): "تقرب".
(٢) أحمد بن سهل، أحد الكبار الأفذاذ من علماء الإسلام، جمع بين الشريعة والفلسفة والأدب والفنون، وقد سبق علماء الإسلام في البلدان كافة إلى استعمال رسم الأرض في كتابه "صور الأقاليم الإسلامية" ومن مؤلفاته أيضًا: "أقسام العلوم"، و"شرائع الأديان"، و"أخلاق الأمم"، و"نظم القرآن". توفي سنة (٣٢٢ هـ). انظر: "الأعلام" (١/ ١٣٤).
(٣) في (أ): "له".
(٤) في (أ): "له".
(٥) "له" ليس من (أ).
(٦) في (ر): "معهما".
(٧) في (أ): "الحدوث" وليست في (ر).