للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما قوله: «الكثر ستّون» فمعناه الكثير، تقول العرب: نسأل الله الكثر، ونعوذ به من القلّ؛ أى نسأله الكثير، ونعوذ به من القليل؛ وقال الشاعر:

فإنّ الكثر أعيانى قديما ... ولم أقتر لدن أنّى غلام (١)

وقال الآخر:

وقد يقصر القلّ الفتى دون همّه ... وقد كان لولا القلّ طلّاع أنجد (٢)

والكريمة، يعنى بها كرائم ماله. و «أمنح الغزيرة»، أى أعطيها من يحلبها ويردّها، ومن ذلك الحديث: «العارية مؤدّاة، والمنحة (٣) مردودة، والزعيم [غارم، والدّين مقضىّ] (٤)» فالمنحة الناقة أو الشاة يدفعها الرجل إلى من يحلبها وينتفع بلبنها ثم يردها عليه، والزعيم:

الكفيل، ويقال له أيضا القبيل (٥) والصّبير والحميل، ومنه قوله تعالى: وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ؛ [يوسف: ٧٢]، قال الشاعر:

فلست بآمر فيها بسلم ... ولكنّى على نفسى زعيم (٦)

وقال آخر:

قلت كفّى لك رهن بالرّضا ... فازعمى يا هند قالت قد وجب (٧)

معناه اكفلى، ويروى: «فاقبلى»، من القبيل الّذي هو الكفيل أيضا.


(١) البيت فى اللسان (كثر)، ونسبه إلى رجل من ربيعة، وفى حاشيتى ت، ف: «أى لم أكن قبل مكثرا ولا مقترا، يصف حاله بالتوسط، والإقتار: الفقر».
(٢) البيت فى اللسان (قلل، ونسبه إلى خالد بن علقمة الدارمىّ، وأنشد قبله:
ويل أمّ لذّات الشّباب معيشه ... مع الكثر يعطاه الفتى المتلف النّدى.
(٣) حاشية ت (من نسخة): «المنيحة»، وهى والمنحة بمعنى.
(٤) حاشية ت (من نسخة): «والدين مقضى، والزعيم غارم».
(٥) القبيل: الكفيل والعريف، وقد قبل يقبل قبالة؛ أى يكفل.
(٦) حاشية ف: «معناه لا أملك إلا نفسى».
(٧) البيت لعمر بن أبى ربيعة؛ وهو فى ديوانه ٣٧٨، وفى حاشية ف: «أى ضمنت وحلفت على نفسى ألا أجاوز رضاك، فافعلى مثله».