للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زندقة قط إلّا وأصله ابن المقفع. روى ابن شبّة قال: حدّثني من سمع ابن المقفع وقد مر ببيت نار المجوس (١) بعد أن أسلم، فلمحه وتمثّل:

يا بيت عاتكة الّذي أتعزّل ... حذر العدا وبه الفؤاد موكّل (٢)

إنّى لأمنحك الصّدود وإننى ... قسما إليك مع الصّدود لأميل (٣)

وروى أحمد بن يحيى ثعلب قال: قال ابن المقفع يرثى يحيى بن زياد- وقال الأخفش:

والصحيح أنه يرثى بها ابن أبى العوجاء:

رزئنا أبا عمرو ولا حىّ مثله ... فلله ريب الحادثات بمن وقع!

فإن تك قد فارقتنا وتركتنا ... ذوى خلّة ما فى انسداد لها طمع

لقد جرّ نفعا فقدنا لك أنّنا ... أمنّا على كلّ الرّزايا من الجزع

قال ثعلب: البيت الأخير يدلّ على مذهبهم فى أن الخير ممزوج بالشر، والشرّ ممزوج بالخير.

وأخبرنى عليّ بن محمد الكاتب قال أخبرنى محمد بن يحيى الصولىّ قال حدّثني المغيرة بن محمد المهلّبىّ من حفظه قال حدثنا خالد بن خداش قال: كان الخليل بن أحمد يحب أن يرى


(١) ش: «نار» للمجوس.
(٢) حاشية الأصل: «هذان البيتان للأحوص بن محمد بن عاصم بن أبى الأفلح حمى الدبر، وكان حمى الدبر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبلى ذات يوم بلاء حسنا فاضطغن المشركون عليه، ولما قتل أراد المشركون أن يمثلوا بجثته، وكان قبل المحاربة، قد رفع يديه وقال: اللهم احفظ جثتي من المشركين، فلما قتل رحمه الله بعث الله جماعة من النحل، فلم تزل عنده تحميه حتى هجم عليه الليل، فجاء سيل فاحتمله، فلم ير المشركون جثته».
والبيتان من قصيدة له يمدح فيهما عمر بن عبد العزيز؛ وهى فى (الأغاني ١٨: ١٩٦ - ١٩٧) وأبيات منها فى الخزانة (١: ٢٤٨)؛ وهى عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية. وأنعزل:
أتجنب وأكون بمعزل، والعدا: جمع عدو؛ يقال بالضم والكسر.
(٣) أمنحك: أعطيك؛ والبيت من شواهد الكافية، على أن «قسما» تأكيد للقسم المفهوم من قوله: «إنى لأمنحك الصدود».