للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكبيرة يستحق اسم ظالم؛ كما يستحق اسم فاسق؛ فألّا كفّرت صاحب الكبيرة من أهل الصلاة بقول الله تعالى: وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ؛ [البقرة: ٢٥٤]، فعرّف بألف ولام التعريف اللتين فى قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، كما قال فى القاذف: وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ، فسمّيته منافقا لقوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ! فأمسك عمرو، ثم قال له واصل: يا أبا عثمان؛ أيّما أولى أن يستعمل فى أسماء المحدثين من أمّتنا؟ ما اتفق عليه أهل الفرق من أهل القبلة، أو ما اختلف فيه؟ فقال عمرو:

بل ما اتفقوا عليه أولى، فقال له واصل: ألست تجد أهل الفرق على اختلافهم يسمّون صاحب الكبيرة فاسقا، ويختلفون فيما عدا ذلك من أسمائه؛ لأن الخوارج تسميه مشركا فاسقا، والشيعة تسميه كافر نعمة فاسقا! - قال

سيدنا الشريف المرتضى أدام الله علوّه: يعنى بالشيعة الزّيدية (١) - والحسن يسميه منافقا فاسقا، والمرجئة (٢) تسميه مؤمنا فاسقا؟ فاجتمعوا على تسميته بالفسق، واختلفوا فيما عدا ذلك من أسمائه، فالواجب أن يسمّى بالاسم الّذي اتّفق عليه وهو الفسق؛ لاتفاق المختلفين عليه، ولا يسمى بما عدا ذلك من الأسماء التى اختلف فيها، فيكون صاحب الكبيرة/ فاسقا، ولا يقال فيه إنه مؤمن ولا منافق، ولا مشرك ولا كافر نعمة (٣)، فهذا أشبه بأهل الدين.

فقال له عمرو بن عبيد: ما بينى وبين الحق عداوة، والقول قولك، فليشهد عليّ من حضر أنى تارك المذهب الّذي كنت أذهب إليه؛ من نفاق صاحب الكبيرة من أهل الصلاة،


(١) الزيدية: ثلاث فرق؛ الجارودية والسليمانية، والأبترية؛ يجمعها القول بإمامة زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب؛ فى أيام خروجه فى زمان هشام بن عبد الملك؛ (وانظر الفرق بين الفرق:
١٦، والملل والنحل للشهرستانى ٨٧، ومفاتيح العلوم ٢١).
(٢) فى حاشيتى الأصل، ف: «المرجئة فى القديم غير الذين لا يؤيدون العقاب؛ بل هم الذين كان يؤخرون عليا عليه السلام عن غيره من الصحابة؛ والإرجاء: التأخير».
وانظر (الفرق بين الفرق ١٩، والملل والنحل للشهرستانى ٧٨، ومفاتيح العلوم ٢٠، وكشاف اصطلاحات الفنون ٥٧٨).
(٣) حاشية ت (من نسخة): «ولا كافر».