للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جائع، والمقيم عليها قانع؛ أقصر البقول فرعا، وأخبثها مرعى وأشدها قلعا، فحربا (١) لجارها وجدعا! ألقوا بي (٢) أخا بنى عبس، أرجعه عنكم بتعس ونكس، وأتركه من أمره فى لبس». فقالوا له: نصبح ونرى فيك رأينا.

فقال لهم عامر: انظروا إلى غلامكم هذا، فإن رأيتموه نائما فليس أمره بشيء، إنما تكلّم بما جرى على لسانه، وإن رأيتموه ساهرا فهو صاحبكم، فرمقوه بأبصارهم، فوجدوه قد ركب رحلا يكدم واسطته؛ حتى أصبح فلما أصبحوا، قالوا: أنت والله صاحبه، فحلقوا رأسه، وتركوا له ذؤابتين، وألبسوه حلّة، وغدوا به معهم، فدخلوا على النعمان فوجدوه يتغدّى ومعه الربيع، ليس معه غيره، والدار والمجالس مملوءة، بالوفد فلما فرغ من الغداء أذن للجعفريين فدخلوا عليه، والربيع إلى جانبه، فذكروا للنعمان حاجتهم، فاعترض الربيع فى كلامهم، فقام لبيد: وقد دهن أحد شقّى رأسه، وأرخى إزاره، وانتعل نعلا واحدة- وكذلك/ كانت الشعراء تفعل فى الجاهلية إذا أرادت الهجاء- فمثل بين يديه، ثم قال:

يا ربّ هيجا هى خير من دعه (٣) ... إذ لا تزال هامتى مقزّعه

نحن بنى أمّ البنين الأربعة ... ونحن خير عامر بن صعصعه

المطعمون الجفنة المدعدعة (٤) ... والضّاربون إلهام تحت الخيضعة


(١) حاشية الأصل (من نسخة): «فحربا» [بفتح الراء]، وفى حاشية ت (من نسخة):
«فخزيا».
(٢) حاشية ت (من نسخة): «فألقوا».
(٣) الأرجوزة فى ديوانه ١: ٧ - ٨، وقبل هذا البيت فى رواية ثعلب:
* لا تزجر الفتيان عن سوء الرّعة*
والرعة: حالة الأحمق التى رضى بها.
(٤) كذا فى ت، وفى الأصل، د ف: «المذعذعة» بالذال المعجمة. وفى حاشية الأصل: «حقه «المدعدعة» بالدال غير المعجمة؛ وهى المملوءة، والدعدعة تحريك المكيال ونحوه ليسع الشيء، ودعدعت الشيء ملأته، وجفنة مدعدعة أى مملوءة، قال لبيد أيضا يصف ماءين ألقيا من السيل:
فدعدعا سرّة الرّكاء كما ... دعدع ساقى الأعاجم الغربا
- والركاء: واد معروف، أما الذعدعة؛ فهو التفريق؛ ولم يسمع فى معنى الملء بالذال، والله أعلم».