للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مهلا أبيت اللّعن لا تأكل معه ... إنّ استه من برص ملمّعه

وإنه يدخل فيها إصبعه ... يدخلها حتّى يوارى أشجعه

كأنه يطلب شيئا ضيّعه

فلما فرغ لبيد التفت النعمان إلى الربيع يرمقه شزرا، وقال: كذلك أنت؟ قال: كذب والله ابن الحمق اللئيم! فقال النعمان: أفّ لهذا الطعام، لقد خبّث عليّ طعامى! فقال الربيع: أبيت اللعن! أما إنى قد فعلت بأمه- لا يكنى، وكانت فى حجره- فقال لبيد: أنت لهذا الكلام أهل، أما إنها من نسوة غير فعل، وأنت المرء قال هذا فى يتيمته (١).

قال سيدنا أدام الله علوّه: وجدت فى رواية أخرى: أما إنها من نسوة فعل، وإنما قال ذلك لأنها كانت من قوم الربيع، فنسبها إلى القبيح، وصدّقه عليه تهجينا له ولقومه.

فأمر الملك بهم جميعا فأخرجوا، وأعاد على أبى براء القبة، وانصرف الربيع إلى منزله، فبعث إليه النعمان بضعف ما كان يحبوه به، وأمره بالانصراف إلى أهله، فكتب إليه: وأنى قد تخوّفت أن يكون قد وقع فى صدرك ما قال لبيد، ولست برائم حتى تبعث إلى من يجردنى، ليعلم من حضرك من الناس إنى لست كما قال، فأرسل إليه: إنك لست صانعا بانتفائك مما قال لبيد شيئا، ولا قادرا على ردّ ما زلّت به الألسن، فالحق بأهلك؛ ثم كتب إليه النعمان فى جملة أبيات جوابا عن أبيات (٢) كتبها إليه الربيع مشهورة:


(١) من نسخة بحاشيتى الأصل، ت: «ربيبته».
(٢) الأبيات برواية صاحب الأغانى:
لئن رحلت جمالى إنّ لى سعة ... ما مثلها سعة عرضا ولا طولا
بحيث لو وزنت لخم بأجمعها ... لم يعدلوا ريشة من ريش سمويلا
ترعى الروائم أحرار البقول بها ... لا مثل رعيكم ملحا وغسويلا
فابرق بأرضك يا نعمان متّكئا ... مع النّطاسىّ يوما وابن توفيلا.