للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على مذهب العرب فى قولها: طلعت الشّعرى، وانتصب العود على الحرباء (١)، والمعنى وانتصب الحرباء على العود؛ وجاز التقديم والتأخير لوضوح المعنى؛ وأنشد الفرّاء:

إنّ سراجا لكريم مفخره ... تحلى به العين إذا ما تجهره (٢)

معناه يحلى بالعين؛ فقدّم وأخّر. وأنشد الفراء أيضا:

كانت فريضة ما تقول كما ... كان الزّنا فريضة الرّجم

المعنى كما كان الرّجم فريضة الزنا، وأنشد أيضا:

وقد خفت حتّى ما تزيد مخافتى ... على وعل فى ذى المطارة عاقل (٣)

/ أراد ما تزيد مخافة وعل على مخافتى، ومثله:

* كأنّ لون أرضه سماؤه (٤) *

أراد كأنّ لون سمائه أرضه، ومثله:

ترى الثّور فيها مدخل الظّلّ رأسه ... وسائره باد إلى الشّمس أجمع (٥)

أراد مدخل رأسه الظلّ، وقال الراعى:

فصبّحته كلاب الغوث يؤسدها ... مستوضحون يرون العين كالأثر (٦)

يريد أنهم يرون الأثر كالعين؛ وقال أبو النجم:


(١) الحرباء: حيوان كالعضاءة؛ يدور مع الشمس.
(٢) يقال حلى فلان بعينى وفى عينى إذا أعجبك؛ والبيتان فى اللسان (حلا)، وفى م: «تجلى»، تصحيف.
(٣) البيت للنابغة، وقد مر ذكره ص ٢٠٢، وانظر ما سبق فى تفسيره.
(٤) الرجز لرؤبة، وقبله:
* ومهمه مغبرة أرجاؤه*.
(٥) البيت من شواهد (الكتاب ١: ٩٢)؛ قال الأعلم: «الشاهد فيه إضافة مدخل إلى الظل، ونصب الرأس به على الاتساع والقلب، وكان الوجه أن يقول: مدخل رأسه الظل؛ لأن الرأس هو الداخل فى الظل، والظل المدخل فيه؛ وهو وصف هاجرة قد ألجأت النيران إلى كنسها، فترى الثور مدخلا لرأسه فى ظل كناسه لما يجد من شدة الحر، وسائره بارز للشمس».
(٦) يذكر ثورا، والغوث: قبيلة من طيئ، ويوسدها: يغريها؛ ومستوضحون:
صيادون ينظرون: هل يرون شيئا؛ يقال استوضح الرجل، إذا نظر ليرى شبحا أو أثرا، يريد أن أثر الصيد عندهم إذا رآه يكون بمنزلة الصيد نفسه لا يخفى عليهم. (وانظر معانى الشعر لابن قتيبة ٧٤٢، ١١٩٣).