للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* قبل دنوّ الأفق من جوزائه*

فقلب، وقال العباس بن مرداس:

فديت بنفسه نفسى ومالى ... ولا آلوه إلّا ما يطيق

أراد فديت بنفسى نفسه، وقال ابن مقبل:

ولا تهيّبنى الموماة أركبها ... إذا تجاوبت الأصداء بالسّحر (١)

أراد لا أتهيّب الموماة؛ وهذا كثير جدّا (٢).

والجواب الثالث أن يكون المعنى: ومثل الذين كفروا ومثلنا، أو مثلهم ومثلك يا محمد كمثل الّذي ينعق؛ أى مثلهم فى الإعراض ومثلنا (٣) فى الدعاء والتنبيه والإرشاد كمثل الناعق بالغنم، فحذف المثل الثانى اكتفاء بالأول؛ ومثله قوله تعالى: وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ؛ [النحل: ٨١]، أراد الحر والبرد، فاكتفى بذكر الحر من البرد، وقال أبو ذؤيب:

عصيت إليها القلب إنى لأمرها ... مطيع فما أدرى أرشد طلابها (٤)

أراد أرشد أم غىّ، فاكتفى بذكر الرشد لوضوح الأمر.

والجواب الرابع أن يكون المراد: ومثل الذين كفروا فى دعائهم للأصنام التى يعبدونها من دون الله وهى لا تعقل ولا تفهم، ولا تضرّ ولا تنفع كمثل الّذي ينعق دعاء ونداء بما


(١) معانى ابن قتيبة ١٢٦٤، واللسان- هيب؛ يقال: تهببنى الشيء بمعنى تهببته أنا؛ كذا ذكره صاحب اللسان واستشهد بالبيت. والموماة: المفازة؛ والأصداء: جمع صدى؛ وهو البوم.
(٢) حاشية ت: «ومن المقلوب قوله تعالى: ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ، وإنما هو:
تنوء العصبة بها، وقوله سبحانه: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ؛ يريد مخلف رسله وعده؛ وإنما جرى القلب فى كلام العرب اتساعا فى الظاهر؛ لأن المعنى فيه لا يشكل».
(٣) د، حاشية ت (من نسخة): «ومثلك».
(٤) ديوان الهذليين ١: ٧١؛ والرواية فيه:
عصانى إليها القلب إنّى لأمره ... سميع فما أدرى أرشد طلابها.