للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا يدلّ على أنه كان مع المنذر بن محرّق، والنابغة الذّبيانىّ كان مع النعمان بن المنذر ابن محرق.

قوله: «شيف» يعنى جليّ، والمشوف المجلوّ.

ويقال: إن النابغة غبر ثلاثين سنة لا يتكلّم (١)، ثم تكلم بالشعر ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة بأصبهان، وكان ديوانه بها، وهو الّذي يقول:

فمن يك سائلا عنّى فإنى ... من الفتيان أيام الخنان

- وأيام الخنان: أيام كانت للعرب قديمة، هاج بها فيهم مرض فى أنوفهم وحلوقهم-

مضت مائة لعام ولدت فيه ... وعشر بعد ذاك وحجّتان (٢)

فأبقى الدّهر والأيام منّى ... كما أبقى من السّيف اليمانى

تفلّل وهو مأثور جراز ... إذا جمعت بقائمه اليدان (٣)

وقال أيضا فى طول عمره:

لبست أناسا فأفنيتهم ... وأفنيت بعد أناس أناسا

ثلاثة أهلين أفنيتهم ... وكان الإله هو المستآسا


(١) حاشية الأصل: «أى لا يتكلم بالشعر، وسميت القصيدة كلمة».
(٢) فى حاشيتى الأصل، ت: «ذكر المبرد فى قول النابغة:
على حين عاتبت المشيب على الصّبا ... وقلت ألمّا أصح والشيب وازع
أنه يجوز فى «حين» النصب والجر. وذكر بعض المتأخرين أنه إذا أضيف الظرف إلى المبنى لم يجز فيه إلا النصب، وإنما يجوز الجر إذا أضيف إلى المعرب؛ كقوله تعالى: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ، وهذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ، وقول النابغة: «لعام ولدت فيه» لا يحتاج إلى «فيه» بل هو كالزيادة المستغنى عنها؛ لأنه إذا أضيف «العام» إلى «ولدت» كان المضاف إليه مع المضاف فى حكم الشيء الواحد؛ فلا يحتاج إلى العائد؛ بخلاف أن تكون الجملة صفة؛ كقوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ؛ وكأنه للبيان والتحقيق، على تقدير: «لعام ولدت»، ثم أضمر:
«ولدت»، أخرى، والجار والمجرور يتعلق بولدت المضمر». وانظر الكامل- بشرح المرصفى ٢: ٢٢٠.
(٣) مأثور: باق أثره. والجراز: الماضى النافذ فى الضريبة، وانظر طبقات الشعراء: ١٠٤.