للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى حلم أحنف فى شجاعة عامر ... فى جود حاتم فى ذكاء إياس (١)

فقال له الكندىّ- وكان حاضرا-: ما صنعت شيئا، قال: وكيف؟ قال: لأنّ شعراء دهرنا قد تجاوزوا بالممدوح من كان قبله، ألا ترى إلى قول أبى العكوّك (٢) فى أبى دلف:

رجل أبرّ على شجاعة عامر ... بأسا وغبّر فى محيّا حاتم

فأطرق الطائىّ ثم رفع رأسه وأنشد:

لا تنكروا ضربى له من دونه ... مثلا شرودا فى النّدى والباس

فالله قد ضرب الأقلّ لنوره ... مثلا من المشكاة والنّبراس

وقال ابن هبيرة لأبى دلامة- وكان مولى لبنى أمية لما ظهرت المسوّدة (٣): لأتخذنّ لك منهم عبدا صالحا يخدمك، فلما علت كلمتهم، وفشت دعوتهم قال أبو دلامة: ليت الله قيّض لى/ منهم مولى صالحا أخدمه.

وقال يحيى بن خالد لعبد الملك بن صالح الهاشميّ: إنّ خصالك كاملة سوى حقد فيك، فقال: أنا خزانة تحفظ الخير والشر. وقد نظر ابن الرومى إلى هذا المعنى فى قوله:

وما الحقد إلّا توأم الشّكر فى الفتى ... وبعض السّجايا ينتسبن إلى بعض (٤)

فحيث ترى حقدا على ذى إساءة ... فثمّ ترى شكرا على حسن القرض

إذا الأرض أدّت ريع ما أنت زارع ... من البذر فيها فهى ناهيك من أرض

وقال الحجاج للحطيط الخارجىّ: ما تقول فى عبد الملك بن مروان؟ قال: ما أقول فى رجل أنت خطيئة من خطاياه!

قال: فهل هممت بي قطّ! قال: نعم، ولكن حال بيننا


(١) رواية الديوان:
إقدام عمرو فى سماحة حاتم ... فى حلم أحنف فى ذكاء إياس.
(٢) كذا فى الأصول؛ وفى الأغانى ونكت الهميان وابن خلكان: «العكوك»؛ وفى حاشيتى الأصل، ت: «العكوك فى الأصل: القصير السمين مع صلابة»، وهو على بن جبلة الضرير، توفى سنة ٢١٣.
(٣) حاشية الأصل: «المسودة؛ يعنى بنى العباس أصحاب الرايات السود».
(٤) ديوانه: الورقة ١٥٤.