للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله ما أستكثر كثيرك أيها الأمير، ولا أستقلّ قليلك، قال: وكيف ذاك؟ قال: لا أستكثر كثيرك لأنك أكثر منه، ولا أستقل قليلك لأنه أكثر من كثير غيرك (١).

وقال له عبيد الله بن يحيى بن خاقان يوما: اعذرنى فإنى مشغول (٢)، فقال: إذا فرغت لم أحتج إليك. وقال له يوما: قد تبينت/ فيك الغضب يا أبا عبد الله، فقال له: قد أجلّ الله قدرك من غضبى، إنما يغضب الرجل على من دونه؛ فأما من فوقه فلا، ولكن أحزننى تقصيرك؛ فسمّيت حزنى غضبا.

ويقال إن صاعد بن مخلد كان من أحسن من أسلم دينا، وأكثرهم صلاة وصدقة، فصار إلى بابه أبو العيناء مرات كثيرة بعقب إسلامه فحجب وقيل له: هو مشغول فى صلاته، فقال أبو العيناء: لكل جديد لذة.

ودخل يوما إلى أبى الصقر إسماعيل بن بلبل فى وزارته، فقال له: يا أبا عبد الله، [ما أخّرك عنّا] (٣)؟ فقال: سرق حمارى، فقال: وكيف سرق؟ قال: لم أكن مع الّذي سرقه فأخبر بما كان، قال له: هلّا اكتريت أو استعرت أو اشتريت؟ قال: قعد بى عن الشراء نشبى (٤)، وكرهت منّة العوارى، وذلّة المكارى، فوهب له حمارا ووصله. وأدناه أبو الصّقر يوما ورفعه فقال: تدنينى حتّى كأنى بعضك، وتبعدنى حتى كأنى ضدّك.

وقال يوما لعبيد الله بن سليمان أيضا- وقد رفعه: إلى كم ترفعنى ولا ترفع بى رأسا! وقال له يوما- وقد سأله عن حاله: أنا معك (٥) مغبوط الظاهر، محروم الباطن.


(١) حواشى الأصل، ت، ف: «نظم البحترى هذا المعنى فقال
كثير نوالك فى جنب ما ... جبلت عليه من الجود نزر
ونزر نوالك فى جنب ما ... يجود به سائر النّاس غمر.
(٢) ت: «فإنى عنك مشغول».
(٣) حاشية ت (من نسخة): «يا أبا عيناء ما أخرك بالله؟ ».
(٤) حاشية ت (من نسخة): «عدمى».
(٥) ت: «أنابك».