للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: إن أبا عليّ البصير قال لأبى العيناء- وكانت بينهما ملاحاة معروفة: فى أىّ وقت ولدت؟ فقال له: قبل طلوع الشمس، فقال أبو عليّ: لذلك خرجت شحاذا سائلا، لأنه الوقت الّذي ينتشر فيه السؤال.

وأخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال أخبرنى محمد بن يحيى الصولىّ قال حدثنى أبو العيناء قال: ما رأيت قطّ أحسن شاهدا عند حاجة من ابن عائشة! قلت له: يوما كان أبو عمرو المخزومىّ يقصدك ثم جفاك، فقال:

فإن تنأ عنّا لا تضرنا وإن تعد ... تجدنا على العهد الّذي كنت تعلم

وقال: والله لا أدرى لمن هذا البيت، فقلت: إنّ ابن سلّام روى عن يونس أن الفرزدق لما قال:

تصرّم منى ودّ بكر بن وائل ... وما خلت دهرى ودّهم يتصرّم (١)

قوارص تأتينى فيحتقرونها ... وقد يملأ القطر الإناء فيفعم (٢)

وكان قد نزل عليهم حين هرب من زياد، فقال جرير بن خرقاء العجلىّ (٣) يحييه:

/ لقد بوّأتك الدّار بكر بن وائل ... وردّت لك الأحشاء إذ أنت مجرم (٤)


(١) ديوانه: ٧٥٦، وطبقات الشعراء ٣٠٢، والكامل- بشرح المرصفى، ١: ١٢٧، والمؤتلف والمختلف: ٧١ وتصرم الشيء: تقطع.
(٢) قوارص: جمع قارصة؛ وهى الكلمة المؤذية.
فعم الإناء يفعمه فعما: ملأه وبالغ فى ملئه.
(٣) ذكره ابن سلام فى ص ٢٥٩ بنسبة «البكرى»، وفى ص ٣٠٣ بكنية «أبى العطاف».
(٤) فى الطبقات: «لقد وسطتك»، وقبله:
لعمرى لئن كان الفرزدق عاتبا ... وأحدث صرما، للفرزدق أظلم
وفى حاشية الأصل: «يعنى كنت خائفا غاية الخوف فأمنوك»، ورواية الطبقات:
لقد وسّطتك الدّار بكر بن وائل ... وضمتك للأحشاء إذ أنت مجرم