للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخنساء مخماص الوشاحين مشيها ... إلى الرّوح أفنان خطا المتجشّم (١)

ألمّا بسلمى قبل أن ترمى النّوى ... بنافذة نبض الفؤاد المتيّم

يقف عاشقا لم يبق من روح نفسه ... ولا عقله المسلوب غير التّوهّم

فقلن لها سرّا: فديناك! لا يرح ... صحيحا، فإن لم تقتليه فألممى (٢)

فألقت قناعا دونه الشّمس واتّقت ... بأحسن موصولين: كفّ ومعصم

وهذا البيت الأخير مأخوذ من قول النابغة:

سقط النّصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتّقتنا باليد (٣)

ولقوله: «وقلن لها سرّا فديناك لا يرح» خبر، وهو ما أخبرنا به أبو الحسن عليّ بن محمد الكاتب قال حدّثني محمد بن يحيى الصولىّ قال حدثنى الباقطانىّ قال: اتصل بعبيد الله بن سليمان بن وهب أمر عليّ بن العباس الرومىّ وكثرة مجالسته لأبى الحسين القاسم ابنه، وسمع شيئا من أهاجيه، فقال لأبى الحسين: قد أحببت أن أرى ابن روميّك هذا؛ فدخل يوما عبيد الله إلى أبى الحسين وابن الرومىّ عنده، فاستنشده من شعره فأنشده، وخاطبه، فرآه مضطرب العقل جاهلا، فقال لأبى الحسين- بينه وبينه-: إنّ لسان هذا أطول من عقله، ومن هذه صورته لا تؤمن عقاربه عند أول عتب، ولا يفكّر فى عاقبة، فأخرجه عنك، فقال: أخاف حينئذ أن يعلن ما يكتمه فى دولتنا، ويذيعه فى تمكّننا، فقال: يا بنيّ/ لم أرد بإخراجك له طرده، فاستعمل فيه بيت أبى حيّه النّميرىّ:

فقلنا: لها سرّا فديناك! لا يرح ... صحيحا، فإن لم تقتليه فألممى


(١) مخماس الوشاحين، كناية عن أنها هيفاء. والوشاح: أديم عريض ترصعه المرأة بالجواهر وتشده على عاتقيها. ومشيها إلى الروح؛ أى حين تخرج من خبائها تطلب الروح. وأفنان: جمع فن؛ أى أنواع؛ وفى ت: «إقتار خطا المتجشم».
(٢) ألممى: اشرعى فى مبادئ قتله.
(٣) ديوانه: ٣٠؛ والنصيف:
الخمار، أو نصفه.