للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحدّث القاسم بن فراس بما جرى، وكان أعدى النّاس لابن الرومىّ؛ وقد هجاه بأهاج (١) قبيحة، فقال له الوزير أعزّه الله: أشار بأن يغتال حتى يستراح منه وأنا أكفيك ذلك قال: فسمّه فى الخشكنانج، فمات.

قال الباقطانىّ: والناس يقولون ما قتله ابن فراس، وإنما قتله عبيد الله (٢).

وذكر محمد بن يزيد المبرّد قال: مما يفضّل لتخلّصه من التكلّف، وسلامته من التزيد وبعده من الاستعانة قول أبى حيّة:

رمتنى- وستر الله بينى وبينها- ... عشيّة آرام الكناس رميم (٣)

ألا ربّ يوم لو رمتنى رميتها، ... ولكنّ عهدى بالنّضال قديم (٤)

قال سيدنا أدام الله علوّه: وقد روى هذان البيتان لنصيب فى غير رواية المبرّد. قال المبرّد يقول: رمتنى وأصابتنى بمحاسنها، ولو كنت شابا لرميت كما رميت، وفتنت كما فتنت؛ ولكن عهدى قد تطاول بالشباب، وهذا كلام واضح؛ وأما الاستعانة فهى أن يدخل فى الكلام ما لا حاجة بالمستمع إليه ليصحّح نظما أو وزنا (٥).

ومما يختار من قول أبى حيّة أيضا:


(١) حاشية الأصل: «يقال بينهم أهجوة وأهجية، والجمع الأهاجى، وقد يخفف كالأثافى».
(٢) فى ت: «قال ابن الرومى لما رجع، وقد دب السم فى أعضائه:
أشرب الماء إذا ما التهبت ... نار أحشائى لإطفاء اللهب
فأراه زائدا فى حرقتى ... فكأن الماء للنّار حطب.
(٣) الكامل- بشرح المرصفى ١: ١٢٩ - ١٣٠، وهما أيضا فى الحماسة- بشرح التبريزى ٣: ٢٦٩ - ٢٧٠ وآرام: جمع إرم، مثل عنب؛ وهى الحجارة تنصب علما فى المفازة يهتدى بها. رميم: اسم امرأة. وستر الله: الإسلام، وقيل الشيب؛ وقيل ما حرم الله عليهما.
(٤) ومن زيادات الكامل بعد هذا البيت:
يرى الناس أنّى قد سلوت وإننى ... لمرمىّ أحناء الضلوع سقيم.
(٥) بقية عبارة المبرد: « .. ، إن كان فى شعر، أو ليتذكر به ما بعده إن كان فى كلام منثور».