للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للينها وتثنّيها، ثم صار ذلك اسما لها دون غيرها من النساء؛ وإن لانت وتثنّت؛ ونحوه قولهم للبعير: أعلم؛ للشّقّ فى مشفره الأعلى ثم صار كالاسم له؛ وكذلك قولهم للذئب: أزلّ أرسح (١)، ثم صار كالاسم له، والمريبة لا تكاد تعلن بالكلام، إنما تومض (٢) أو ترمز أو تصفر، قال الشاعر:

رمزت إلى مخافة من بعلها ... من غير أن يبدو هناك كلامها

وقال الأخطل:

أحاديث سدّاها ابن حدراء فرقد ... ورمّازة مالت لمن يستميلها (٣)

وقال الراجز:

يومئن بالأعين والحواجب ... إيماض برق فى عماء ناضب (٤)

- والعماء: السحاب، والناضب: البعيد-

وقال بعضهم: إنما قيل للفاجرة قحبة، من القحاب وهو السّعال؛ قال: وأحسبه أراد أنها تتنحنح أو تسعل ترمز بذلك.

قال: وبلغنى عن المفضّل أنه كان يقول فى قول الناس: «أجبن من صافر» (٥) أنه الرجل يصفر للفاجرة، فهو يخاف كل شيء.

وأما الأصمعىّ فإنه كان يقول: الصافر ما يصفر من الطير، وإنما وصف بالجبن لأنه ليس من الجوارح.

قال ابن قتيبة: ولا أرى القول إلا قول المفضّل، والدليل على ذلك قول الكميت بن زيد الأسدىّ:


(١) الأزل: الحفيف الوركين. والأرسح: القليل لحم العجز.
(٢) تومض، أى تعرض نفسها.
(٣) ديوانه: ٢٤١، واللسان (رمز) والحدراء: الممتلئة الفخذ والعجز.
(٤) البيتان فى اللسان (زمر)، والرواية فيه: «يومضن بالأعين ... ».
(٥) المثل فى مجمع الأمثال للميدانى ١: ١٦٨؛ وروى عن ابن حبيب أن الصافر طائر يتعلق من الشجر برجليه، وينكس رأسه، خوفا من أن ينام فيؤخذ فيصفر منكوسا طول ليلته.