للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرجو لكم أن تكونوا فى إخائكم ... كلبا كورهاء تقلى كلّ صفّار (١)

لمّا أجابت صفيرا كان آيتها ... من قابس شيّط الوجعاء بالنّار (٢)

وهذه امرأة كان يصفر لها رجل فتجيبه، فتمثّل زوجها به وصفر لها، فأتته فشيّطها بميسم، فلما أعاد الصّفر (٣) قالت: «قد قلينا كلّ صفّار (٤)»، تريد أنا قد عففنا (٥) واطّرحنا كلّ فاجر.

قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنبارىّ: والاختيار عندى: «الزّمارة» معجمة الزاى على ما قال أبو عبيد، لحجج ثلاث:

/ إحداهنّ إجماع أهل الحديث على الزّمارة.

والحجة الثانية أن الفاجرة سميت زمارة، لأنها تحسّن نفسها وكلامها، والزمر عند العرب الحسن، قال عمرو بن أحمر الباهلىّ يصف شرابا وغناء:

دنّان حنّانان بينهما ... رجل أجشّ غناؤه زمر (٦)

قال الأصمعىّ: معناه غناؤه حسن؛ كأنه من مزامير داود.

والحجة الثالثة أنهم سمّوا الفاجرة زمّارة، لمهانتها وقلة ما فيها من الخير؛ من قول العرب (٧):

نعجة زمرة؛ إذا كانت قليلة الصوف، ويقال: رجل زمر المروءة، إذا كان قليلها، قال ابن أحمر:

مطلنفئا لون الحصى لونه ... يحجز عنه الذّرّ ريش زمر (٨)


(١) البيتان فى مجمع الأمثال ٢: ٤٠، والثانى فى اللسان (شيط). الورهاء: الحمفاء.
(٢) شيط: أحرق. والوجعاء: الدبر.
(٣) ت: «الصفير».
(٤) المثل فى مجمع الأمثال ٢: ٤٠، والرواية فيه: «قد قلينا صفيركم».
(٥) حاشية الأصل (من نسخة): «عققنا».
(٦) البيت فى اللسان (زمر)، وفى ت، ف، وحاشية الأصل (من نسخة): «زجل». والزجل: عود أو معزفة.
(٧) م: «من قولهم».
(٨) حواشى الأصل، ت، ف: «يصف فرخ القطاة؛ وقبله:
تروى لقى ألقى فى مهمه ... تصهره الشّمس فما ينصهر.