الأحوال ألّا يكون عذرا ولا احتجاجا، فلا يكون لتقديمه معنى.
وفى الجواب الأول حسن تقديم ذلك على طريق الذّم والتوبيخ والتقريع من غير إضافة له إليه عز وجل؛ فالجواب الأول أوضح وأصحّ.
وثالثها جواب روى عن الحسن، قال: يعنى بقوله: مِنْ عَجَلٍ، أى من ضعف، وهى النّطفة المهينة الضّعيفة، وهذا قريب إن كان فى اللغة شاهد على أن العجل يكون عبارة عن الضّعف أو معناه.
ورابعها ما حكى أنّ أبا الحسن الأخفش أجاب به، وهو: أن يكون المراد أنّ الإنسان خلق من تعجيل من الأمر؛ لأنه تعالى قال: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، [النحل: ٤٠].
فإن قيل: كيف يطابق هذا الجواب قوله من بعد: فَلا تَسْتَعْجِلُونِ؟
قلنا: يمكن أن يكون وجه/ المطابقة أنهم لما استعجلوا بالآيات واستبطئوها أعلمهم تعالى أنه ممن لا يعجزه شيء إذا أراده، ولا يمتنع عليه؛ وأنّ من خلق الإنسان بلا كلفة ولا مئونة بأن قال له: كن فكان، مع ما فيه من بدائع الصنعة، وعجائب الحكمة التى يعجز عنها كلّ قادر، ويحار فيها كل ناظر، لا يعجزه إظهار ما استعجلوه من الآيات.
وخامسها ما أجاب به بعضهم من أن العجل الطين، فكأنه تعالى قال: خلق الإنسان من طين، كما قال تعالى فى موضع آخر: وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ؛ [السجدة: ٧]، واستشهد بقول الشاعر:
والنّبع ينبت بين الصّخر ضاحية ... والنخل ينبت بين الماء والعجل (١)
ووجدنا قوما يطعنون فى هذا الجواب، ويقولون: ليس بمعروف أن العجل هو الطين، وقد حكى صاحب كتاب العين عن بعضهم أن العجل الحمأة، ولم يستشهد عليه، إلّا أن