للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له إبراهيم: أنت تحسن قائلا، وراويا، ومتمثلا؛ فلما خرج تبعته وقلت له: اكتبني الأبيات، فقال: هى لأبى الجويرية العبدىّ (١) فخذها من شعره.

*** وروى عن يحيى بن البحترىّ قال: رأيت أبى يذاكر جماعة من أمراء أهل الشام بمعان من الشعر، فمرّ فيها ذكر قلة نوم العاشق وما قيل فيه، فأنشدوا إنشادات كثيرة، فقال لهم أبى: قد فرغ من هذا كاتب كان بالعراق فقال:

أحسب النوم حكاكا ... إذ رأى منك جفاكا (٢)

منّى الصّبر ومنك ال ... هجر فابلغ بى مداكا

بعدت همّة عين ... طمعت فى أن تراكا

أو ما خطّ لعينى ... أن ترى من قد رآكا

ليت حظّى منك أن تع ... لم ما بى من هواكا

قال أبى: / إنه تصرّف فى معان من الشعر فى هذه الأبيات، قال: وكتبها عنه جماعة من حضر؛ والأبيات لإبراهيم بن العباس الصولىّ.

*** وأخبرنا عليّ بن محمد الكاتب قال أخبرنا محمد بن يحيى الصولىّ قال: لما بايع المأمون لعلىّ ابن موسى الرّضا عليهما السلام بالعهد، وأمر الناس بلبس الخضرة صار إليه دعبل (٣) بن على


(١) اسمه عيسى بن أوس بن عصبة؛ أبو جويرية العبدى؛ شاعر محسن متمكن؛ ذكره الآمدي فى المؤتلف والمختلف: ٧٩، والمرزباني فى المعجم: ٢٥٨.
(٢) ديوان إبراهيم بن العباس: ١٤٨.
(٣) هو دعبل بن على الخزاعى، شاعر مطبوع؛ كان هجاء خبيث اللسان؛ ولم يسلم من لسانه أحد ممن عاصره من الخلفاء والوزراء ولا من أولادهم وأولاد أولادهم؛ ولا ذو نباهة؛ أحسن إليه أو لم يحسن، وكان من مشاهير الشيعة؛ قال ياقوت «وقصيدته التائية فى أهل البيت من أحسن الشعر وأسنى المدائح، قصد بها على بن موسى الرضا بخراسان، فأعطاه عشرة آلاف درهم، وخلع عليه بردة من ثيابه، فأعطاه بها أهل قمّ ثلاثين ألف درهم فلم يبعها؛ فقطعوا عليه الطريق ليأخذوها فقال لهم: إنها تراد لله-