للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موفّق لسبيل الرّشد متّبع ... يزينه كلّ ما يأتى ويجتنب

تسمو العيون إليه كلّما انفرجت ... للناس عن وجهه الأبواب والحجب

له خلائق بيض لا يغيّرها ... صرف الزّمان كما لا يصدأ الذّهب

ووجدت بعض من ينتقد (١) الشعر يقول: ليس فى شعر مروان بيت يتمثل به غير هذا البيت الأخير من الثلاثة الأبيات. وكأن ابن مناذر (٢) إياه أراد بقوله، وقد سأل وهو مجاور بمكة:

عمن ببغداذ من الشعراء؟ فقيل له: العباس بن الأحنف؛ فقال: أنشدونى له، فأنشدوه:

لو كنت عاتبة لسكّن عبرتى ... أملى رضاك، وزرت غير مراقب (٣)

لكن مللت فلم تكن لى حيلة، ... صدّ الملول خلاف صدّ العاتب (٤)

فقال ابن مناذر: أخلق بمن أدام بحث التراب أن يصيب خرزة.

قال سيدنا أدام الله تمكينه: ولا شك فى قلة الأمثال فى شعر مروان؛ ولكن ليس إلى هذا الحد؛ وهذا المعنى الّذي قد تضمنه البيت قد سبق إليه أيضا، قال طريح بن إسماعيل:

جواد إذا جئته راجيا ... كفاك السؤال وإن عدت عادا

خلائقه كسبيك النّضا ... ر لا يعمل الدّهر فيها فسادا

ومثله قول الخريمىّ:

/ رأيتك يا زيد زيد النّدى ... وزيد الفخار وزيد الكرم

تزيد على نائبات الخطو ... ب بذلا وفى سابغات النّعم

كذا الخمر والذّهب المعدنىّ ... يجوّد هذا وذاك القدم

وفى قوله: «الذّهب المعدنىّ» فائدة؛ لأنه إذا خلص الذهب وصفا لم يفسد؛ وإذا امتزج


(١) حاشية الأصل (من نسخة): «ينقد».
(٢) حاشية الأصل: «ابن مناذر، بضم الميم، ومنهم من يفتح الميم، ذهابا إلى أن له آباء اسم كل منهم المنذر، وليس هذا بشيء. وقيل له:
يا ابن مناذر، فقال: مناذر الصغرى أم الكبرى؟ وهما ناحيتان بالأهواز، بل أنا ابن مناذر، بضم الميم».
(٣) ديوانه: ٢: ٢٢.
(٤) رواية الديوان: «لكن مللت».