للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال (١): إنه أخذ قوله:

* أحلى الرجال من النساء مواقعا* ... البيت

من قول الأعشى:

وأرى الغوانى لا يواصلن امرأ ... فقد الشّباب وقد يصلن الأمردا (٢)

/ ولمنصور النّمرىّ مثله:

كرهن من الشّيب الّذي لو رأينه ... بهنّ رأين الطّرف عنهنّ أزورا

ونحوه قول الآخر:

أرى شيب الرّجال من الغوانى ... كوقع مشيبهنّ من الرّجال

وقال أبو تمام:

شاب رأسى وما رأيت مشيب ال ... رّأس إلّا من فضل شيب الفؤاد (٣)

وكذاك القلوب فى كلّ بؤس ... ونعيم طلائع الأجساد

طال إنكارى البياض وإن عمّ ... رت شيبا أنكرت لون السّواد (٤)

زادنى شخصه بطلعة ضيم ... عمّرت مجلسى من العوّاد

نال رأسى من ثغرة الهمّ لمّا ... لم ينله من ثغرة الميلاد (٥)

ومعنى هذا البيت الأخير أن «الثغر» هى الفرجة والثّلمة تكون فى الشيء؛ ولذلك سمّى كل بلد جاور عدوا ثغرا؛ كأن معناه مكشوف للعدو. ويجوز أن يكون أصله من ثغر الإنسان، لأنه أول ما يقابلك من أسنانه، وأول ما يظهر عند الكلام، وأول ما يسقط فيرى مثلوما، فيشبّه الثّغر الّذي هو البلد؛ يقال اثّغر الصبىّ واتّغر؛ وتسمى تلك الفرجة فى موضع


(١) الموازنة: ٣٠.
(٢) ديوانه: ١٥١؛ والرواية: «وأرى الغوانى».
(٣) ديوانه: ٧٥.
(٤) حاشية الأصل (من نسخة): «ولو عمرت شيئا» أى تعميرا، وهى رواية الديوان.
(٥) حاشية الأصل: يروى: «من ثغرة الهم ما لم* تشتمله».