للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنّ أيّامه من البيض بيض ... ما رأين المفارق السّود سودا

وقال أيضا:

ترك السّواد للابسيه وبيّضا ... ونضا من السّتين عنه ما نضا (١)

وشآه أغيد فى تصرّف لحظه ... مرض أعلّ به القلوب وأمرضا (٢)

وكأنّه وجد الصّبا وجديده ... دينا دنا ميقاته أن يقتضي

أسيان أثرى من جوى وصبابة ... وأساف من وصل الحسان وأنفضا (٣)

وقال أيضا:

هل أنت صارف شيبة إن غلّست ... فى الوقت أو عجلت عن الميعاد (٤)

جاءت مقدّمة أمام طوالع ... هذى تراوحنى وتلك تغادى

وأخو الغبينة تاجر فى لمّة ... يشرى جديد بياضها بسواد (٥)

لا تكذبنّ فما الصبا بمخلّف ... لهوا ولا زمن الصّبا بمعاد


(١) ديوانه ٢: ٧٠، الشهاب: ١٩. وفى حاشية الأصل: «أى خلع إتيان الستين عليه المسرة والنشاط».
(٢) شآه: غلبه، وفى م: «سباه».
(٣) من نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «أسوان»، وهو الحزين، وأساف الرجل: ذهب ماله، وكذلك أنفض، والمراد هنا أنه ذهب من يده وصل
الحسان وميلهن إليه.
(٤) ديوانه ١: ١٤٤، الشهاب ٢٠ - ٢١.
(٥) قال المرتضى فى الشهاب تعليقا على هذا البيت: ووجدت الآمدي قد نزل فى معنى قوله:
* يشرى جديد بياضها بسواد*
لأنه قال: معنى يشرى يبيع؛ وأراد: أن الغبين من باع جديد بياضه بالسواد، وأراد بالسواد الخضاب؛ فكأنه ذم الخضاب. والأمر بخلاف ما ذكره، وما جرى للخضاب ذكر، ولاها هنا موضع للكناية عنه؛ ومعنى: «يشرى» هاهنا يبتاع؛ لأن قولهم: شريت يستعمل فى البائع والمبتاع جميعا؛ وهذا من الأضداد، نص أهل اللغة على هذا فى كتبهم؛ فكأنه شهد بالغبن لمن يبتاع الشيب بالشباب ويتعوض عنه به؛ وإنما ذهب على الآمدي أن لفظة «يشرى» تقع على الأمرين المضادين؛ فتمحل ذكر الخضاب الّذي لا معنى له هاهنا».