للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم تر أرضا ولم تسمع بساكنها ... إلّا بها من نوادى وقعه أثر (١)

وليس فيه إذا استنظرته عجل ... وليس فيه إذا ياسرته عسر

فإن يصبك عدوّ فى مناوأة ... يوما، فقد كنت تستعلى وتنتصر

من ليس فى خيره منّ يكدّره ... على الصّديق، ولا فى صفوه كدر

أخو شروب، ومكساب إذا عدموا ... وفى المخافة منه الجدّ والحذر (٢)

مردى حروب، ونور يستضاء به ... كما أضاء سواد الظّلمة القمر (٣)

/ مهفهف أهضم الكشحين منخرق ... عنه القميص لسير اللّيل محتقر (٤)

طاوى المصير على العزّاء منجرد ... بالقوم ليلة لا ماء ولا شجر (٥)

لا يصعب الأمر إلّا ريث يركبه ... وكلّ أمر سوى الفحشاء يأتمر

معنى «لا يصعب الأمر» أى لا يجده صعبا-

لا يتأرّى لما فى القدر يرقبه ... ولا يعضّ على شرسوفه الصّفر (٦)


(١) نوادى كل شيء: أوله.
(٢) شرب: جمع شرب؛ وهو جمع شارب؛ كصحب وصاحب، ومكساب: اسم مبالغة من كاسب، وفى حاشية الأصل: «نسخة ص: أخو حروب».
(٣) المردى فى الأصل: حجر يرمى؛ والمعنى:
أنه شجاع يقذف فى الحروب ويرجم فيها؛ وفى حاشية الأصل (من نسخة):
مردى حروب شهاب يستضاء به ... كما أضاء سواد الطّخية القمر
والطخية، بالفتح وبضم: الطلمة.
(٤) المهفهف: الخميص البطن الدقيق الخصر. والأهضم: المنضم الجنبين. والكشح: ما بين الخاصرة إلى الضلع من الخلف؛ وهو مما تمدح به العرب. ويقال: رجل منخرق السربال؛ إذا طال سفره فشققت ثيابه؛ وهو كناية عن الجلادة وتحمل المشقات.
(٥) المصير: جمع مصران، والعزاء: الشدة والجهد؛ والمنجرد: المشمر نشاطا، ومن نسخة بحاشية الأصل: «منصلت». وقوله: «ليلة لا ماء ولا شجر»، أى يرعى. وفى الخزانة بعد هذا البيت:
لا يهتك السّتر عن أنثى يطالعها ... ولا يشدّ إلى جاراته النّظر.
(٦) لا يتأرى: لا يتحبس ويتلبث؛ يقال: تأرى بالمكان إذا أقام فيه. الشرسوف: طرف الضلع والصفر- فيما يزعم العرب: حية تكون فى البطن إذا جاع الإنسان عضته؛ وقد كذبه النبي عليه السلام بقوله:
«لا عدوى ولا هامة ولا صفر».