ورابعها أن تكون الآية محمولة على الدعاء بألّا يزيغ القلوب عن اليقين والإيمان. ولا يقتضي ذلك أنّه تعالى سئل ما كان لا يجب أن يفعله، وما لولا المسألة لجاز فعله؛ لأنّه غير ممتنع أن يدعوه على سبيل الانقطاع إليه، والافتقار إلى ما عنده بأن يفعل تعالى ما نعلم أنه لا بدّ من أن يفعله، وبألّا يفعل ما نعلم أنه واجب ألّا يفعله؛ إذا تعلق بذلك ضرب من المصلحة؛ كما قال تعالى حاكيا عن إبراهيم عليه السلام: وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ؛ [الشعراء: ٨٧] وكما قال فى تعليمنا ما ندعو به: قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ؛ [الأنبياء: ١١٢] وكقوله تعالى: رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ؛ [البقرة: ٢٨٦]، على أحد الأجوبة:
وكل ما ذكرناه واضح بين بحمد الله.
*** قال سيدنا أدام الله تمكينه: وإنى لأستحسن قول الراعى فى وصف الأثافىّ والرماد، فقد (١) طبّق وصفه المفصل، مع جزالة الكلام وقوته واستوائه واطراده:
وأورق مذ عهد ابن عفّان حوله ... حواضن ألّاف على غير مشرب
وراد الأعالى أقبلت بنحورها ... على راشح ذى شامة متقوّب
كأنّ بقايا لونه فى متونها ... بقايا هناء فى قلائص مجرب
الأورق: الرّماد، جعل الأثافىّ له كالحواضن؛ لاحتضانها له واستدارتها حوله.
وأراد بوراد الأعالى أن ألوانها تضرب إلى الحمرة، وخصّ الأعالى؛ لأنها مواضع القدر فلا تكاد/ تسودّ. والراشح: هو الراضع؛ وإنما شبّه الرماد بينهن بفصيل بين أظآر.
والمتقوّب: الّذي قد انحسر أعلاه.
وشبّه ما سوّدت النار منهن بأثر قطران على قلائص جربى. والمجرب: الّذي قد جربت إبله.
ونظير هذا المعنى بعينه، أعنى تشبيه تسويد النار بالهناء قول ذى الرّمة: