للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عفا الزّرق من أطلال ميّة فالدّحل ... فأجماد حوضى حيث زاحمها الحبل (١)

سوى أن يرى سوداء من غير خلقة ... تخاطأها، وارتثّ جاراتها النّقل (٢)

من الرّضمات البيض غيّر لونها ... بنات فراض المرخ واليابس الجزل

كجرباء دسّت بالهناء فأفصيت ... بأرض خلاء أن تقاربها الإبل

قوله: «سوداء من غير خلقة» يعنى أثفيّة؛ لأن السواد ليس بخلقة بها؛ وإنما سوّدتها النار.

وقوله: تخاطأها النقل، أى تجاوزها فلم تحمل من مكان إلى مكان؛ بل بقيت منفردة.

وارتثّ جاراتها: يعنى بجاراتها؛ أى نقلن عنها الأثافىّ اللواتى كنّ معها. والمرتثّ:

هو المنقول من مكان إلى مكان؛ وأصل ذلك فى الجريح والعليل؛ يقال ارتثّ الرجل ارتثاثا إذا حمل من المعركة وبه رمق. قال النضر بن شميل: معنى ارتثّ صرع. وقال أبو زيد:

هو مأخوذ من قولهم ارتثثنا رثّة القوم إذا جمعوا رديء متاعهم بعد أن يتحملوا من موضعهم؛ وكلا المعنيين يليق ببيت ذى الرّمة؛ لأنه قد يجوز أن يريد [بقوله: «وارتثّ جاراتها»، أى نقلن عنها، ويجوز أن يريد] (٣): صرعن وبقيت ثابتة قائمة.

والرّضات: حجارة بيض بعضها على بعض. والفراض: جمع فرض، وهو الحزّ يكون فى الزند وعنى ببنات فراض المرخ شرر النار الخارجة من ذلك الفرض. والمرخ: شجر تتخذ منه الرندة. ومن أمثالهم: «فى كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار (٤)»، وهذا المثل يضرب للرجل الكريم الّذي يفضل على القوم ويزيد عليهم؛ فكأن المعنى: كلّ القوم كرام وأكرمهم فلان.


(١) ديوانه: ٤٥٤. الزرق: أكثبة بالدهناء؛ والدحل وحوضى: موضعان؛ والأجماد: جمع جمد؛ وهى الأرض الغليظة فى صلابة الجبل، ويعنى بالجبل حبل الرمل، وهو رمل مستطيل.
(٢) من نسخة بحاشية الأصل: «تخطأها».
(٣) ساقط من م.
(٤) المثل فى مجمع الأمثال للميدانى (٢: ١٨)؛ قال: استمجد المرخ والعفار؛ أى استكثرا وأخذا من النار ما هو حسبهما؛ شبها بمن يكثر العطاء طلبا للمجد لأنهما يسرعان الورى».