للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخر (١):

فلو كان البكاء يردّ شيئا (٢) ... بكيت على بجير أو عفاق

على المرأين إذ هلكا جميعا ... لشأنهما بشجو واشتياق (٣)

أراد على بجير وعفاق.

وقد حكى المفضل بن سلمة هذا الوجه عن قطرب، وطعن عليه بأن قال: ليس شيء يعلم أشدّ قسوة عند المخاطبين من الحجارة، فينسق به عليها (٤)؛ وإنما يصح ذلك فى قولهم:

أطعمتك تمرا أو أحلى منه، لأن أحلى منه معلوم.

واختار المفضل الوجه الّذي يتضمن أن أَوْ بمعنى «بل».

وهذا الّذي طعن به المفضّل ليس بشيء، لأنهم وإن لم يشاهدوا أو يعرفوا ما هو أشدّ قسوة من الحجارة فصورة قسوة الحجارة معلومة لهم، ويصحّ أن يتصوروا ما هو أشد قسوة منها، وما له الزيادة عليها؛ لأن قدرا ما إذا عرف صح (٥) أن يعرف ما هو أزيد منه أو أنقص،


وهى القصيدة التى تسميها العرب: الفاضحة. والبيت من شواهد الكتاب (١: ٥٢) استشهد به على نصب «ثعلبة»، بإضمار فعل دل عليه ما بعده؛ فكأنه قال: أظلمت ثعلبة، عدلت بهم طهية، ونحوه من التقدير. وأورده أيضا فى (١: ٤٨٩) شاهدا على دخول «أم» عديلة للألف. وفى حاشية الأصل: «كأنه قال: أأخملت ثعلبة الفوارس فعدلت بهم طهية والخشاب! ».
(١) البيتان فى اللسان (عفق)؛ ونقل عن ابن برى أنهما لمتمم بن نويرة، وعفاق: اسم رجل أكلته باهلة فى قحط أصابهم.
(٢) حاشية الأصل (من نسخة): «ميتا».
(٣) رواية اللسان:
هما المرءان إذ ذهبا جميعا ... لشأنهما بحزن واشتياق
وذكر أن بسطام بن قيس أغار على بنى يربوع فقتل عفاقا وقتل بجيرا أخاه بعد قتله عفاقا فى العام الأول، وأسر أباهما أبا مليك، ثم أعنقه وشرط عليه ألا يغير عليه؛ قال ابن برى: ويقوى قول من قال إن باهلة أكلته قول الراجز:
إنّ عفاقا أكلته باهله ... تمششوا عظامه وكاهله.
(٤) حاشية ف: «النسق أن تعطف كلاما على كلام، والنسق الترتيب».
(٥) م: «جاز».