للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدنا قد يقول: أعطيته ألفا بل ألفين، وقصدته دفعة بل دفعتين؛ وهو عالم فى ابتداء كلامه بما أخبر به فى الثانى، ولم يتجدد به علم، وإن أريد به الأخذ فى كلام غير الماضى، واستئناف زيادة عليه فهو صحيح؛ ومثله جائز عليه تعالى.

فأما النقض للكلام الماضى فليس بواجب فى كل موضع تستعمل فيه لفظة «بل»، لأن القائل إذا قال: أعطيته ألفا بل ألفين لم ينقض الأول؛ وكيف ينقضه؛ والأول داخل فى الثانى وإنما زاد عليه! وإنما يكون ناقضا للماضى إذا قال: لقيت رجلا بل حمارا؛ وأعطيته درهما بل ثوبا؛ لأن الأول لم يدخل فى الثانى على وجه، وقوله تعالى: أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً غير ناقض للأول، لأنها لا تزيد فى القسوة على الحجارة إلا بعد أن تساويها، وإنما/ تزيد المساواة.

وخامسها أن تكون أَوْ بمعنى الواو كقوله: أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ؛ [النور: ٦١]، معناه: وبيوت آبائكم، قال جرير:

نال الخلافة أو كانت له قدرا ... كما أتى ربّه موسى على قدر (١)

وقال توبة بن الحمير:

وقد زعمت ليلى بأنّى فاجر ... لنفسى تقاها، أو عليها فجورها (٢)

وقال جرير أيضا:

أثعلبة الفوارس أم رياحا ... عدلت بهم طهيّة والخشابا (٣)

أراد: أو رياحا.


(١) ديوانه: ٢٧٥؛ والبيت من قصيدة يمدح فيها عمر بن عبد العزيز؛ مطلعها:
لجّت أمامة فى لومى وما علمت ... عرض السماوة روحاتى ولا بكرى.
(٢) أمالى القالى: ١: ١٣١.
(٣) ديوانه: ٦٦؛ من قصيدته المشهورة التى يذم فيها الراعى؛ ومطلعها:
أقلّى اللوم عاذل والعتابا ... وقولى إن أصبت لقد أصابا
-