للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سيدنا أدام الله علوه: وإنما كان الأحوص خال عمر بن عبد العزيز من جهة أنّ أمّ عمر هى أمّ عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وأمها أنصارية.

فأما قوله «إذا سرّ لم يفرح» فمأخوذ من قول لقيط بن زرارة:

لا مترفا إن رخاء العيش ساعده، ... وليس إن عضّ مكروه به خشعا (١)

وللأحوص:

وببطن مكّة لا أبوح به ... قرشيّة غلبت على قلبى

ولو أنّها إذ مرّ موكبها ... يوم الكديد أطاعنى صحبى (٢)

قلنا لها: حيّيت من شجن ... ولركبها: حيّيت من ركب

والشّوق أقتله برؤيتها ... قتل الظّما بالبارد العذب

والنّاس إن حلّوا جميعهم ... شعبا- سلام، وأنت فى شعب (٣)


كأنّ لبنى صبير غادية ... أو دمية زيّنت بها البيع
الله بينى وبين قيّمها ... يفرّ منّى بها وأتّبع
قالوا: الأحوص، قال: بل الله بينها وبين قيمه. قال: فمن الّذي يقول:
ستبلى لكم فى مضمر القلب والحشا ... سريرة حبّ يوم تبلى السّرائر
قالوا: الأحوص. قال: إن الفاسق عنها يومئذ لمشغول، والله لا أرده ما كان لى سلطان. فمكث هناك بقية ولاية عمر وصدرا من ولاية يزيد بن عبد الملك. قال فبينا يزيد وجاريته حبابة ذات ليلة على سطح تغنيه بشعر الأحوص، فقال لها: من يقول هذا الشعر؟ قالت: لا وعينيك ما أدرى- وقد كان ذهب من الليل شطره- فقال: ابعثوا إلى ابن شهاب الزهرى فعسى أن يكون عنده علم من ذلك، فأتى الزهرى فقرع عليه بابه، فخرج مروعا إلى يزيد، فلما صعد إليه قال له يزيد: لا ترع، لم ندعك إلا لخير، اجلس، من يقول هذا الشعر؟ قال: الأحوص بن محمد يا أمير المؤمنين، قال: ما فعل؟ قال: طال حبسه بدهلك قال: قد عجبت لعمر كيف أغفله. ثم أمر بتخلية سبيله ووهب له أربعمائة دينار، فأقبل الزهرى
من ليلته إلى قومه من الأنصار فبشرهم بذلك».
(١) مختارات ابن الشجرى: ٥.
(٢) حاشية الأصل: «خبر» إن» قوله: «أطاعنى صحبى».
والعائد إلى الاسم الهاء من «موكبها» والتقدير: ولو أنها أطاعنى صحبى إذا مر موكبها يوم الكديد».
(٣) حاشية الأصل (من نسخة): «وأنت فى شعب».