عند تنكّره، فقد يرتج على اللسن لسانه، فلا ينظره القول إذا اتسع، ولا ينشأ إذا امتنع، ومن لم تمكن له الخطوة، فخليق أن تعنّ له النّبوة».
وأخبرنا المرزبانىّ قال أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنى أبو العباس المنصورىّ قال: صعد أبو العباس السفّاح/ المنبر فأرتج عليه فقال: «أيها الناس، إنما اللسان بضعة من الإنسان، يكلّ إذا كلّ، وينفسح بانفساحه إذا انفسح، ونحن أمراء الكلام، منّا تفرعت فروعه، وعلينا تهدّلت غصونه، ألا وإنّا لا نتكلم هذرا؛ ولا نسكت إلا معتبرين».
ثم نزل.
فبلغ ذلك أبا جعفر فقال: لله هو! لو خطب بمثل ما اعتذر لكان من أخطب الناس.
وهذا الكلام يروى لداود بن على.
وبهذا الإسناد عن محمد بن الصباح عن قثم بن جعفر بن سليمان عن أبيه قال: أراد أبو العباس السفّاح يوما أن يتكلم فى أمر من الأمور بعد ما أفضت الخلافة إليه، وكان فيه حياء مفرط فأرتج عليه، فقال داود بن عليّ بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
إن أمير المؤمنين، الّذي قلّده الله سياسة رعيته عقل من لسانه عند ما تعهّد من بيانه، ولكل مرتق بهر، حتى تنفّسه العادات، فأبشروا بنعمة الله فى صلاح دينكم، ورغد عيشكم».
وأخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا عبد الله بن إسحاق بن سلّام قال: صعد عثمان بن عفان المنبر فأرتج عليه فقال: «أيها الناس، سيجعل الله بعد عسر يسرا، وبعد عىّ نطقا، وإنكم إلى إمام فعّال أحوج منكم إلى إمام قوّال».
وروى محمد بن يزيد النحوىّ هذا الكلام بعينه عن زياد بن يزيد بن أبى سفيان (١) وقد
(١) من نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «يزيد بن أبى سفيان»؛ وفيهما أيضا. «يزيد بن أبى سفيان يقال له: يزيد الخير؛ واستعمله أبو بكر على الشام، ثم أقره عمر بعده؛ ومات بالشام وهو عامل عمر فى طاعون عمواس فى سنة ثمانى عشرة؛ فولى عمر أخاه معاوية ما كان يليه، ولا عقب له».