للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يموتون والقتل من دأبهم ... ويغشون يوم السّيوف السّيافا (١)

وأجبن من صافر كلبهم ... وإن قذفته حصاة أضافا

يقول: أدركوا بسيوفهم ثاراتهم؛ فكأنهم شفوا وغر قلوبهم، وأزالوا ما كان فيها من الأحقاد.

ومعنى «مروا» استخرجوا كما ترى الناقة إذا أردت أن تحلبها لتدرّ. والجانف: المائل.

ثم قال: وإن مات بعضهم على فراشه فإن أكثرهم يموت مقتولا؛ لشجاعتهم وإقدامهم، فلذلك قال: «والقتل من/ دأبهم».

وجعل كلبهم جبانا لكثرة من يغشاهم ويطرقهم من النّزّال والأضياف فقد ألفتهم كلابهم وأنست بهم؛ فهى لا

تنبحهم. وقيل أيضا: إنها لا تهرّ عليهم؛ لأنها تصيب مما ينحر لهم وتشاركهم فيه. ومعنى:

* وإن قذفته حصاة أضافا*

أى أشفق؛ وهذا تأكيد لجبنه؛ ويقال: أضاف الرجل من الأمر إذا أشفق منه.

ومعنى «وأجبن من صافر كلبهم» قد تقدم ذكره فى الأمالى.

ومثله فى المعنى:

يغشون حتى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل (٢)

وقال المرار بن المنقذ العدوىّ:

أعرف الحقّ ولا أنكره ... وكلابى أنس غير عقر (٣)


(١) رواية الأغانى:
يموتون والقتل داء لهم ... ويصلون يوم السّياف السّيافا
وبعده:
إذا فرج القتل عن عيصهم ... أبى ذلك العيص إلا التفافا
مطاعيم تحمد أبياتهم ... إذا قنّع الشاهقات الطّخافا
قنعت: غطى رأسها. والطخاف: السحاب المرتفع.
(٢) البيت لحسان؛ ديوانه ٨٠.
(٣) من قصيدة مفضلية (٨٢ - ٩٣، طبعة المعارف).