للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سيدنا أدام الله تمكينه: ومن أحسن الشعر فى تعوّد الضيافة والأنس بها والاستمرار عليها قول حاتم بن عبد الله الطائى:

إذا ما بخيل القوم هرّت كلابه ... وشقّ على الضّيف الغريب عقورها (١)

فإنى جبان الكلب، بيتى موطّا ... جواد إذا ما النّفس شحّ ضميرها

وإنّ كلابى مذ أقرّت (٢) وعوّدت ... قليل على من يعترينا هريرها

أراد بقوله:

* قليل على من يعترينا هريرها*

أنها لا تهرّ جملة؛ ولذلك نظائر كثيرة، ومثله قوله تعالى: فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ؛ [البقرة: ٨٨] ومثل قوله: «فإنى جبان الكلب» معنى ولفظا قول الشاعر:

وما يك فىّ من عيب فإنى ... جبان الكلب مهزول الفصيل (٣)

وإنما أراد أنى أوثر الضيف بالألبان ففصالى مهازيل.

ومثل اللفظ والمعنى (٤) قول أبى وجزة:

وآل الزّبير بنو حرّة ... مروا بالسّيوف الصّدور الجنافا (٥)


(١) ديوانه: ١١٠؛ والفاضل والمفضول ٤٠ - ٤١، وفى د، ونسخة بحاشيتى الأصل، ف:
«بخيل الناس»؛ وهى راية الديوان.
(٢) من نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «أقرت»؛ بالفتح.
(٣) كتاب الصناعتين ٣٥١. والحيوان ١: ٣٨٤، والحماسة بشرح المرزوقى ١٦٥٠ من غير عزو.
(٤) من أبيات ستة مذكورة فى الأغانى ١٢: ٢٥٢ (طبع دار الكتب المصرية)؛ وكان أبو وجزة متقطعا إلى آل الزبير؛ وإلى عبد الله بن عروة بن الزبير خاصة، وكان يفضل عليه ويقوم بأمره؛ ثم بلغه أن أبا وجزة أتى عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب فمدحه ووصله؛ فاطرحه عبد الله بن عروة، وأمسك يده عنه؛ فلم يزل أبو وجزة يمدح آل الزبير ويستعطف ابن عروة؛ وهو يشيح عنه إلى أن قال فيه هذه الأبيات، فرضى عنه وعاد إلى صلته.
(٥) بعده.
سل الجرد عنهم وأيامها ... إذا امتعطوا المرهفات الخفافا
امتعطوا: سلوا؛ ومنه ذئب أمعط، منسل من شعره-