للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تزجى أغنّ كأنّ إبرة روقه ... قلم أصاب من الدّواة مدادها (١)

ومثله قول امرئ القيس:

كأنّ عيون الوحش حول قبابنا ... وأرحلنا الجزع الّذي لم يثقّب (٢)

وقوله:

إذا ما الثّريّا فى السّماء تعرّضت ... تعرّض أثناء الوشاح المفصّل (٣)

ولذى الرّمة:

وردت اعتسافا والثّريّا كأنّها ... على قمّة الرّأس ابن ماء محلّق (٤)

وهذا الباب أكثر من أن يحصى.

فأما تشبيه شيئين بشيئين فمثل قول امرئ القيس يصف عقابا:

كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العنّاب والحشف البالى (٥)

وقوله:

وكشح لطيف كالجديل مخصّر ... وساق كأنبوب السّقيّ المذلّل (٦)


(١) الطرائف الأدبية: ٨٨. وفى حاشية الأصل: «أى تزجى البقرة ولدا فى صوته غنة؛ كأن رأس قرنه قلم قد سود بمداد».
(٢) ديوانه ٨٨. الجزع، بالفتح ويكسر: الخرز اليمانىّ.
(٣) ديوانه: ٢٧. تعرضت: أبدت عرضها، والأثناء: جمع ثنى؛ وهو ما انثنى من الوشاح، والوشاح: قلائد يضم بعضها إلى بعض؛ تكون من لؤلؤ وجوهر منظومين مخالف بينهما، معطوف أحدهما على الآخر، وتتوشح به المرأة فتشده بين عاتقها وكشحها، والمفصل: المرصع ما بين كل خرزتين منه بلؤلؤة أو ذهب، وتعرض الثريا يكون عند انصبابها للمغيب. وفى طبقات الشعراء: ٧٣: " أنكر قوم قوله: «إذا ما الثريا فى السماء تعرضت»، وقالوا: الثريا لا تتعرض". وقال بعض العلماء: عنى الجوزاء، وقد تفعل العرب بعض ذلك؛ قال زهير:
فتنتج لكم غلمان أشأم، كلّهم ... كأحمر عاد، ثم، ترضع فتفطم
يريد أحمر ثمود.
(٤) ديوانه: ٤٠١.
(٥) ديوانه: ٧٠. العناب: ثمر أحمر، والحشف: ما يبس من التمر.
(٦) ديوانه: ٣٢. الجديل: زمام يتخذ من سيور فيجئ حسنا لينا يتثنى. والأنبوب البردى؛ وهو الّذي ينبت وسط النخل؛ يشبه به لبياضه. والسقى: النخل المسقى؛ كأنه قال كأنبوب النخل السقى، والمذلل: الّذي سقى وذلل بالماء.