للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال يحيى: قوله: «عاتق» يعنى الخمر، وهذا مثل قوله:

رحلت عنسا من شراب بابل ... فبتّ من عقلى على مراحل (١)

قال سيدنا أدام الله تمكينه: هذا الّذي ذكره يحتمله البيت على استكراه، ويحتمل أيضا أن يريد بالعاتق العضو، ويكون المعنى: إن لم تجد من يحمل عنك همومك ويقوم بأثقالك، ويخفف عنك، فتحمّل ذلك أنت بنفسك، واصبر عليه؛ فكأنّه يأمر نفسه بالتجلّد والتصبر على البأس، وهذا البيت له نظائر كثيرة فى الشعر.

*** وأخبرنا المرزبانىّ قال حدثنا على بن هارون قال حدثنى أبى قال: من بارع شعر بشار قوله يصف جارية مغنية. قال على: وما فى الدنيا شيء لقديم ولا محدث من منثور ولا منظوم فى صفة الغناء واستحسانه مثل هذه الأبيات:

ورائحة، للعين فيها مخيلة ... إذا برقت لم تسق بطن صعيد (٢)

من المستهلّات الهموم على الفتى ... خفا برقها فى عصفر وعقود (٣)

حسدت عليها كلّ شيء يمسّها ... وما كنت لولا حبّها بحسود

وأصفر مثل الزّعفران شربته ... على صوت صفراء التّرائب رود (٤)

/ كأنّ أميرا جالسا فى ثيابها ... تؤمّل رؤياه عيون وفود

من البيض لم تسرح على أهل ثلّة ... سواما، ولم ترفع حداج قعود (٥)


(١) فى حاشيتى الأصل، ف: «أوله:
لمّا رأيت الحظّ حظّ الجاهل ... ولم أر المغبون غير العاقل
والعنس: الجمل القوى.
(٢) المختار من شعر بشار ٣٠٩، والأغانى ٣: ١٨٩ (طبع دار الكتب المصرية). الرائحة: السحابة تروح؛ والمخيلة: علامة المطر.
(٣) استهل السحاب:
إذا أمطر، وفى الأغانى: «المستهلات السرور»، وخفى البرق: ظهر ولمع، وأراد بالعصفر: الثياب المعصفرة.
(٤) رود: ناعمة.
(٥) الثلة: قطعة من الغنم، والسوام: الإبل السائمة، والحداج: جمع حدج؛ وهو مركب من مراكب النساء.