للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* صفراء أعجلها الشّباب لداتها*

ومثله للأعشى:

إذا جرّدت يوما حسبت خميصة ... عليها وجريال النّضير الدّلامصا (١)

الخميصة: ثوب ناعم لين؛ شبه به نعمة جسمها. والنّضير: الذهب. والجريال: كلّ صبغ أحمر، وإنما يعنى لون الطّيب عليها. والدّلامص: البرّاق، فهذا وجه.

والوجه الثانى أن يكون أراد بوصفها بالصفرة رقّة لونها؛ فعندهم أنّ المرأة إذا كانت صافية اللون رقيقة ضرب لونها بالعشىّ إلى الصفرة.

قال مهدىّ بن عليّ الأصفهانىّ: قال لى أبى قال لى الجاحظ: زعموا أن المرأة إذا كانت صافية اللون رقيقة يضرب لونها بالغداة إلى البياض وبالعشىّ إلى الصفرة، واحتجّ فى ذلك بقول الراجز:

* قد علمت بيضاء صفراء الأصل*

وزعم أن بيت ذى الرمة/ الّذي أنشدناه من هذا المعنى، وكذلك بيت الأعشى الّذي أنشدناه؛ والأبيات محتملة للأمرين.

فأما الّذي لا يحتمل إلا وجها واحدا فهو قول الشاعر:

وقد خنقتها عبرة فدموعها ... على خدّها حمر وفى نحرها صفر

لأنها لا تكون صفرا فى نحرها إلا لأجل الطيب.

فأما قوله «على خدها حمر» فإنما أراد أنها تنصبغ بلون خدّها.

والوجه الثالث أن تكون المرأة كانت صفراء على الحقيقة؛ فإن بشارا كثيرا ما يشبّب بامرأة صفراء، كقوله:


(١) ديوانه: ١٠٨.