للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويوم ظللنا عند أمّ محلّم ... نشاوى، ولم نشرب طلاء ولا خمرا

/ وما كان عندى أن أحدا يتوهم فى معنى هذا البيت ما ظنه هذا الرجل.

وأما قوله فى القطعة الأولى:

وأصفر مثل الزّعفران شربته ... على صوت صفراء الترائب رود

فيحتمل وجوها ثلاثة:

أولها أن يكون أراد بصفرة ترائبها الكناية عن كثرة تطيّبها وتضمّخها، وأن ترائبها تصفرّ لذلك، كما قال الأعشى:

بيضاء ضحوتها، وصف ... راء العشيّة كالعرارة (١)

والعرار: بهار البرّ؛ وإنما أراد أنها تتضمّخ بالعشىّ بالطيب فيصفّرها؛ ومثله لذى الرّمة:

بيضاء فى دعج، كحلاء فى برج، ... كأنّها فضّة قد مسّها ذهب (٢)

وقيل فى بيت قيس بن الخطيم:

فرأيت مثل الشّمس عند طلوعها ... فى الحسن، أو كدنوّها لغروب (٣)

وجهان:

أحدهما أنه أراد أنها تتطيّب بالعشىّ فتصفرّ؛ لأن الشمس تغيب صفراء الوجه.

والآخر أراد المبالغة فى الحسن، لأن الشمس أحسن ما تكون فى وقتيها هذين؛ ومن ذلك أيضا قول قيس بن الخطيم:


(١) ديوانه: ١١١.
(٢) ديوانه: ٥، والدعج: سواد الحدقة، والبرج: سعة فى بياض العين؛ ورواية الديوان:
* كحلاء فى برج صفراء فى نعج*.
(٣) ديوانه ٥، وفى حاشيتى الأصل، ف «بعده:
صفراء أعجلها الشباب لداتها ... موسومة بالحسن غير قطوب
أى أنها سبقت أقرانها، ومثله قول ابن قيس الرقيات:
لم تلتفت للداتها ... فمضت على غلوائها.