للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يغتذى به؛ وكذلك لما كان المتقلّد للسيف حاملا له جاز أن يعطف عليه الرمح المحمول.

وهذا أولى فى الطعن على الاستشهاد بهذه الأبيات مما ذكره ابن الأنبارىّ.

*** أخبرنا أبو الحسن على بن محمد الكاتب قال أخبرنا محمد بن يحيى الصولىّ قال أخبرنا يحيى بن على بن يحيى/ المنجم قال أخبرنا أحمد بن يحيى بن جابر البلاذرىّ عن الهيثم بن عدىّ قال: لما دخل خالد بن صفوان الأهتمىّ (١) على هشام بن عبد الملك- وذلك بعد عزله خالد ابن عبد الله القسرىّ- قال: فألفيته جالسا على كرسىّ فى بركة ماؤها إلى الكعبين، فدعا لى بكرسىّ فجلست عليه؛ فقال يا خالد، ربّ خالد جلس مجلسك كان ألوط بقلبى، وأحبّ إلى منك! فقلت: يا أمير المؤمنين؛ إنّ حلمك لا يضيق عنه، فلو صفحت عن جرمه! فقال: يا خالد؛ إنّ خالدا أدلّ فأملّ، وأوجف فأعجف؛ ولم يدع لراجع مرجعا، ولا لعودة موضعا. ثم قال: ألا أخبرك عنه يا ابن صفوان! قلت: نعم، قال: إنه ما بدأنى بسؤال حاجة مذ قدم العراق حتى أكون أنا الّذي أبدؤه بها، قال خالد: فذاك أحرى أن ترجع إليه، فقال متمثلا:

إذا انصرفت نفسى عن الشّيء لم تكد ... إليه بوجه آخر الدّهر تقبل (٢)

ثم قال: حاجتك يا ابن صفوان، قلت: تزيدنى فى عطائى عشرة دنانير، فأطرق ثم قال:

ولم؟ وفيم؟ العبادة أحدثتها فنعينك عليها، أم لبلاء حسن أبليته عند أمير المؤمنين؟

أم لماذا يا ابن صفوان؟ إذا يكثر السؤال، ولا يحتمل ذلك بيت المال. قال: فقلت:

يا أمير المؤمنين؛ وفّقك الله وسدّدك، أنت والله كما قال أخو خزاعة:

إذا المال لم يوجب عليك عطاءه ... قرابة قربى، أو صديق توامقه (٣)

منعت- وبعض المنع حزم وقوّة- ... ولم تفتلتك المال إلّا حقائقه


(١) من نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «الأهتم».
(٢) البيت لمعن بن أوس، وهو فى الحماسة ١١٣١ - بشرح المرزوقى.
(٣) البيتان لكثير؛ وهما فى ديوانه ٢: ٨٣، والأغانى ١١: ١٩٢ (طبعة الدار) وأمالى القالى ٢: ٨٨، وتوامقه، توده؛ مفاعلة من الموامقة؛
وتفتلتك، أى يخرجه من يدك وقبضتك.