للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى تنوّر، وتطيب أنفسهما بذلك؟ قلنا: لا، بل كانا يرحمانك، قال: فأنا والله برحمة ربّى أوثق منى برحمتهما.

وأخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال حدثنا محمد بن إبراهيم (١) قال حدثنا عبد الله بن أبى سعد (٢) الورّاق قال حدّثني محمد بن محمد بن سليمان الطّفاوىّ (٣) قال: حدثنى أبى عن جدى قال: شهدت الحسن البصرىّ فى جنازة النّوار (امرأة الفرزدق) - وكان الفرزدق حاضرا- فقال له الحسن وهو عند القبر: يا أبا فراس، ما أعددت لهذا المضجع؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله مذ ثمانون سنة، فقال له الحسن: هذا العمود فأين الطّنب! . وفى رواية أخرى أنه قال له: نعم ما أعددت، ثم قال الفرزدق فى الحال:

/ أخاف وراء القبر- إن لم يعافنى- ... أشدّ من الموت التهابا وأضيقا (٤)

إذا جاءنى يوم القيامة قائد ... عنيف وسوّاق يسوق الفرزدقا

لقد خاب من أولاد آدم من مشى ... إلى النّار مغلول القلادة أزرقا (٥)

يقاد إلى نار الجحيم مسربلا ... سرابيل قطران لباسا محرّقا

قال: فرأيت الحسن يدخل بعضه فى بعض، ثم قال: حسبك. ويقال إن رجلا رأى الفرزدق بعد موته فى منامه، فقال له ما فعل بك ربّك؟ فقال: عفا عنى بتلك الأبيات (٦).


(١) حاشية ت (من نسخة): «محمد بن محمد بن إبراهيم».
(٢) د، ونسخة بحواشى الأصل، ت، ف: «سعيد».
(٣) حاشية الأصل: «الطفاوى: منسوب إلى طفاوة؛ وهم قوم».
(٤) الأبيات فى ديوانه ٢: ٥٧٨، مع اختلاف فى الرواية وترتيب الأبيات؛ وفى نسخة بحواشى الأصل، ف، ت: «أشد من القبر»؛ وهى رواية الديوان.
(٥) ف: «مشدود الفلائد»، وهى رواية الديوان.
(٦) حاشية ف: «زعم بعض النميمية أن الفرزدق رئى فى النوم فقيل له: ما صنع ربك؟ فقال:
غفر لي؛ قيل له: بأى شيء؟ قال: بالكلمة التى نازعنيها الحسن البصرى على شفير القبر». وفيها أيضا:
«فى الكامل، كان الفرزدق يخرج من منزله فيرى بنى تميم والمصاحف فى حجورهم فيسر بذلك ويجذل له-