للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي تَقْرِيرِ الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَعْنَاهَا أَنَّ الشَّارِعَ حَكَمَ بِوُجُودِ مَا أُثِرَ فِعْلُهَا مِنْ صَاحِبِ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ.

لِأَنَّ التَّطْهِيرَ أَوْجَبَ بِهِ الشَّارِعُ صِفَةَ الطَّهَارَةِ وَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ ضَعْفٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَعْنِي أَنَّهَا حُكْمِيَّةٌ أَيْ تَقْدِيرِيَّةٌ لَا وُجُودَ لِهَذَا ذِهْنًا وَلَا خَارِجًا لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى أَمْرٍ سَلْبِيٍّ وَهُوَ انْتِفَاءُ الْحَدَثِ أَوْ الْخَبَثِ فَقَدَّرَ الشَّارِعُ وُجُودَ صِفَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ سَلْبًا وَوَجَدْتُ لِلشَّيْخِ الْعَالِمِ الْإِمَامِ شَيْخِنَا أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ الَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهُ قَصَدَ إلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَرَافِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى أَحَدِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ لِأَنَّهَا مِنْ أَحْكَامِ الْوَضْعِ وَأَحْكَامُ الْوَضْعِ تَرْجِعُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ فَالنَّجَاسَةُ تَرْجِعُ إلَى حُرْمَةِ مُلَابَسَةِ الْمُصَلِّي الصَّلَاةَ وَالطَّهَارَةُ تَرْجِعُ إلَى إبَاحَةِ مُلَابَسَةِ الصَّلَاةِ (قَالَ) وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْته وَأَنَّهُ قَصَدَهُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْأُصُولِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الْقَرَافِيُّ وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي مُخْتَصَرِنَا الْفِقْهِيِّ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَخْلُو فِيهِ مِنْ بَحْثٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ أَنَّهَا صِفَةٌ رَاجِعَةٌ إلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَلَا يَخْلُو هَذَا مِنْ نَظَرٍ ذُكِرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اُنْظُرْ الْفَرْقَ التَّاسِعَ وَالْخَمْسِينَ وَمَا ذَكَرَهُ فِيهِ، وَوُجِدَ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ مِنْ تَلَامِذَتِهِ أَنَّ الرَّسْمَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ لِصِدْقِهِ عَلَى سَتْر الْعَوْرَةِ وَعَلَى الْقِرَاءَةِ وَعَلَى إحْرَامِ الصَّلَاةِ وَهَذَا عِنْدِي لَا يُرَدُّ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الشَّيْخَ يُرَاعِي مَقُولَةَ الْمَحْدُودِ وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَتْ صِفَةً وَإِنَّمَا هِيَ فِعْلٌ.

وَكَذَلِكَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ وَكَانَ هَذَا التِّلْمِيذُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ قَصْدُ شَيْخِهِ فِي رُسُومِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَعْرِفُ مَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا فِي مَعْنًى إمَّا مَصْدَرِيٌّ أَوْ اسْمِيٌّ أَوْ حُكْمِيٌّ وَالْقِرَاءَةُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا فِي أَمْرٍ فِعْلِيٍّ بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ وَمَا شَابَهَهَا وَمِمَّا وَجَدْت أَيْضًا مُقَيَّدًا عَنْ بَعْضِ تَلَامِذَتِهِ أَنَّ قَوْلَهُ بِهِ الْبَاءُ فِيهِ إمَّا ظَرْفِيَّةٌ أَوْ سَبَبِيَّةٌ أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فَإِنْ كَانَتْ لِلظَّرْفِيَّةِ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ الْمَاءُ الْمَوْصُوفُ بِالطَّهَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ لِلسَّبَبِيَّةِ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ الثَّوْبُ الطَّاهِرُ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمُصَاحَبَةِ خَرَجَ الْمَاءُ أَيْضًا وَإِنْ أَرَادَ الْعُمُومَ فَيَلْزَمُ تَعْمِيمُ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مَجَازٌ هَذَا سُؤَالُهُ وَقُلْت فِي الْجَوَابِ نَخْتَارُ الْعُمُومَ وَالْمَجَازَ فِي الرَّسْمِ لِقَرِينَةِ سَائِغٍ أَوْ نَقُولُ إنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَلَا يَخْرُجُ الثَّوْبُ فِي طَهَارَتِهِ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ سَبَبٌ فِي جَوَازِ الِاسْتِبَاحَةِ بِسَبَبِ وُجُودِ كَوْنِهِ طَاهِرًا وَكَذَلِكَ طَهَارَةُ الْمَاءِ فَتَأَمَّلْهُ. وَوَجَدْت لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ سُؤَالًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ

<<  <   >  >>