للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُوجِبُ فَذَكَرَ الْمُوجِبَ وَصَيَّرَ مُوَجِّهَ جَوَازِ الِاسْتِبَاحَةِ وَذَلِكَ مُتَنَافٍ لِأَنَّ الْإِيجَابَ يُنَافِي الْجَوَازَ وَالْجَوَازَ يُنَافِي الْإِيجَابَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُوجِبًا لِلْآخَرِ وَهَذَا كَلَامٌ ضَعِيفٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنْ لَا يُورَدَ مِثْلُهُ عَلَى كَلَامِ هَذَا الْإِمَامِ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِيجَابِ فِي كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ صُيِّرَتْ سَبَبًا فِي جَوَازِ الْقُدُومِ كَمَا يُقَالُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ سَبَبٌ فِي جَوَازِ الِانْتِشَارِ وَلَيْسَ فِيهِ إحَالَةٌ وَالسَّبَبُ وَإِنْ أَوْجَبَ فَلُزُومُ الْجَوَازِ لِلسَّبَبِ هُوَ الْمُسَبَّبُ وَذَلِكَ لَازِمٌ.

وَلَيْسَ فِيهِ تَنَافٍ بِوَجْهٍ وَلَا حَالٍ وَوَجَدْتُ أَيْضًا بِخَطِّ بَعْضِهِمْ أَنَّ فِي لَفْظِ الشَّيْخِ إضَافَةَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْجَوَازُ وَالِاسْتِبَاحَةُ وَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ صَاحِبِهِ وَذِكْرُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ لَا يَصِحُّ وَتَقَدَّمَ لَنَا قَبْلَ هَذَا مَا يَنْفِي هَذَا وَيَرُدُّهُ وَبَيَّنَّا مَا يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَنْفَعُنَا بِهِ وَبِعِلْمِهِ وَمِمَّا وَجَدْته مَا أَوْرَدُوهُ عَلَى عَدَمِ الِانْعِكَاسِ فَذَكَرُوا مَسَائِلَ مِثْلَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ طَهَارَةِ الْحَائِضِ لِلْقِرَاءَةِ وَالذِّمَّةِ لِلْحَيْضِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ وَالْوُضُوءِ لِلتِّلَاوَةِ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَصْدُقُ فِيهِ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ لِمَوْصُوفِ الطَّهَارَةِ وَهِيَ طَهَارَةٌ فَالْمَحْدُودُ مَوْجُودٌ وَالْحَدُّ فِيهِ مَفْقُودٌ ثُمَّ أَوْرَدَ بَعْضُهُمْ سُؤَالًا بِأَنْ قَالَ إنَّ الْحَدَّ صَادِقٌ إذَا كَانَتْ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ فِي قَوْلِهِ لَهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لِشِبْهِ الْمِلْكِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِلَّا فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمُصَلِّي وَأَقْرَبُ مَا يُقَرَّرُ بِهِ هَذَا عَلَى ضَعْفِهِ أَنَّ اللَّامَ إذَا كَانَتْ لِلتَّعْلِيلِ فَيَكُونُ مَنْ جَازَ لَهُ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ الْمَوْصُوفِ بِهَا وَذَلِكَ صَادِقٌ فِي الذِّمِّيَّةِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ الرَّسْمِ لِصِدْقِهِ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ مَا شَابَهَهَا وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى وَجَوَابُهُ الْمَذْكُورُ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّامَ لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيلِ بَلْ لِشِبْهِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَكَانَتْ لِلتَّعْلِيلِ لَمَا دَخَلَتْ طَهَارَةُ الْمُصَلِّي لِأَنَّ الَّذِي اُسْتُبِيحَتْ الصَّلَاةُ لَهُ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْمَوْصُوفِ وَهُوَ الْمُصَلِّي لَا الْمَوْصُوفُ بِالطَّهَارَةِ وَهُوَ الْمُصَلِّي وَهَذَا كُلُّهُ كَلَامٌ لَائِحٌ عَلَيْهِ الضَّعْفُ وَذَكَرَ سُؤَالًا عَلَى ذَلِكَ وَجَوَابًا لَا نُطِيلُ بِهِ وَذَكَرَ اعْتِرَاضَاتِ ضَعِيفَةً.

(فَإِنْ قُلْت) وُجِدَ بِخَطِّ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى رَسْمِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُنْقَضُ بِالْحَرِيرِ لِأَنَّ صِفَتَهُ إنَّمَا هِيَ مَانِعَةُ لُبْسِهِ لِلذَّكَرِ وَلِذَلِكَ صَحَّتْ الصَّلَاةُ بِهِ لِلنِّسَاءِ فَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَى أَنَّ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَسِتْرَ الْعَوْرَةِ وَالْقِرَاءَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ صِفَاتٌ حُكْمِيَّةٌ وَلِذَا سَلَّمَ إيرَادُهَا وَأَجَابَ بِمَا رَأَيْته فَلَا يَصِحُّ الْجَوَابُ أَوْ لَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ (قُلْت) وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى

<<  <   >  >>